أغنية قبلات الظمأ

أغنية قبلات الظمأ

 

 

عين تشربك شوف : أغنية قبلات الظمأ

عبر كلمات جورج بينسون أن \" اغنيات الحب هي احدى الأساسيات العظيمة للحياة والشي الوحيد الذي يدوم \" نستطيع أن نستخلص من مقولة بينسون  مدى اتساع  وجود  أغنيات الحب وديمومتها وتأثيرها علي حياتنا.

إنها اغنيات الحب هي التي تلهمنا، وتناضل معنا ضد قسوة الحياة، والاخرين وهنا أ أغنية حب  فاتنة ،اغنية صيغت من نبض قصيدة شعبية للشاعر شعبي مبدع إنه الشاعر مساعد الرشيدي  ولف القصيدة لحنا موسيقيا رقراقا لملحن  يشبهنا هو صالح الشهري ، وعانقت الأغنية مساءاتنا بصوت وبإحساس الفنان عبدالمجيد عبدالله ، لتتألق  كإحدى جواهر أغانينا السعودية ، تبدا الأغنية بهذا المطلع الذي يخاطب الشاعر فيها حبيبته :

عين تشربك شوف وعين تظماك

                                     لاذبحنـي ظمـاك ولا رويتـك

حيث تمثل العيون  ايقونة في قصائد الشعر الشعبي العاطفي ، فهي الرائي والمتحدث في وقت واحد  فالشاعر هنا يمنح ادواراً عاطفية لعينيه فعين تشرب تفاصيل حبيبته حبا  ، ملامحها ، ايماءاتها  ، تشربها  حبا ، والعين الأخرى تحيا حالة  ظمأ وهنا تذكرت قصائد نيرودا \" أريد أن الـتهـمك \"في احدى سونتاته  . ولـكن لدى شاعرنا  هنا مفردة الشرب ربما تظهر بيئة الشاعر الصحراوية ، التي تتوارى خلف القصيدة ، ثم ينقلنا في الى صورة أخرى تحمل فلسفة الظمأ والارتواء العاطفي في نهاية البيت .

 . 

في المقطع الثاني من الأغنية يكرر الشاعر  كلمة ( الغلا ) مرتين .

وان طلبت الغلا قلت الغلا جـاك

                                   وان سكنت الخفوق البيت بيتك

وكلمة ( الغلا ) في لهجتنا العامية  هي مرادفة للحب ولكنها أكثر هدوء منه ، وهنا تمنح كلمة الغلا  الأغنية خميلة دلال للمحبوبة ، فلو طلبت الغلا ستنالينه   ، ويأتي الشطر الثاني ، وتظهر كلمة ( الخفوق ) وان سكنت الخفوق فهو بيت ومسكن لك ، هنا نتفاعل مع الشاعر ونتفق معه عندما نحب فأننا نسكن قلوبنا من نحب .

و تنقلنا الأغنية  بكلماتها الى حالة تناقض يصورها الشاعر بإبداعية مخاطبا فيها حبيبته لتشاركه حالته ، فهو يتأرجح بين بهجة لقاءها، وبين هم فراقها  من جهة ، وأيضا بين النسيان والتذكر من جهة أخرى .

بين فرحة لقاك وهم فرقاك 

لا تذكرت جرح ولا نسيتك

ويأتي دور جنون الحب وحضور الحبيبة الذي يملأ الأمكنة ، وينتصب سؤال :ترى هل الأمكنة تنحاز لحكايتنا العاطفية فتخبئ أحبتنا بين اجفانها ؟  فها هـو الشاعر يتخيل حبيبته في كل الأمكنة ويخبرها بذلك .

قمت اخيلك هناك وهناك

وفي المقطع القادم من الأغنية  يأخذنا الشاعر إلى ابتسامة حبيبته، ونشعر بتأثير تلك الابتسامة عليه ، فهي ترفع مد بحر عاطفته ، فهو لم يخبرنا ان شفتيها كرزيتين، ترك ذلك لخيالنا نحن كقراء وعشاق وشعراء وتركنا ننصت إليه .

انت تبسمت قلت الموعد شفاك

ويعود ويكمل لو تمنعت فهو قادر على الانتصار هذا التمنع ، ولكن بـرقة تبهج انـوثتها ، ليبدو عاشقا متحضرا ونبيلا  :.

وان تمنعت بأنفاسي دعيتك

ويعود بنبرة حنو على الحبيبة ، في صورة دافئة  لو تحيط بها أشواك الحياة ، ويصمت حيرة ، او عجز ويذكرها بأمنية له تكشف لنا أن هذه الحبيبة  ليست حكايته الأولى ، فتكون المفاجأة ، لنتحسس حكايات حبنا الأولى ،وارتباكات قصائدنا الأولى .

ليتك اول طريق القلـب ليتـك

لنقف على مقطع حد الزمن  في صورة شعرية باذخة تغرق بين  الوداع والمصافحة وموسم البرد 

ودع البرد كف ضم يمناك

صافح الود قلبي يوم جيتك

واخيرا تغمرنا الأغنية بحميمة تعبير جمالي شعبي بسيط قادم من شمال الحب (حي ذا الشوف ) حيث نرى الشاعر مبتهجا ومرحبا بإطلالة حبيبته الجميلة وينعكس ذلك في عينيه .

حي ذا الشوف ما تنمل دنياك

                                   شوف سواة العيون اليا لقيتك

تنتهي الأغنية ،ولا تنتهي شاعرية إيقاعاتها الفاتنة التي تشبه طرقات مطر شمالي على نوافذنا الصغيرة تنادي شغب حكاياتنا العاطفية، وتحرك رقصاتنا العشبية  . 

 

التعليقات

أترك تعليق