عنزاتنا وأدب أطفالنا

عنزاتنا وأدب  أطفالنا

 

 

حتى اليوم لا يوجد لدينا أدب أطفال، واقصد ( أدب الأطفال) الذي يتضمن قصصا وحكايات و اغنيات وقصائد ومجلات توجه وتعلم وتسلي الأطفال وتوسع خيالهم ،كما أنها تمتع حتى الكبار ،مفعمة بتفاصيلنا ،وأساطيرنا، كما هو في أدب الأطفال في العالم المتقدم ،ففي بريطانيا مثلا نجد أدب الأطفال، وأدب الأطفال في ويـلز , رغم أن ويلز جزء من بريطانيا .

وكثيرا ما تساءلت لماذا لا يقبل أطفالنا على قصصنا المحلية؟وعرفت السبب افتقادها لعنصري :المرح والخيال، والذي لا يصنعه إلا الحيوانات عبر رفقتها لبطل / بطلة القصة الصغار .

فقصص الأطفال لدينا تخلو من المرح والحركة والحياة وصخب الطفولة، كما أنها تهمش خيال الطفولة، والسبب برائي غياب الحيـوانات الأليفة عـن قصص أطفالنا، وصحبتهم لهم، فغياب الحيوانات الأليفة أو الطيور عن قصص الأطفال يفقدها الحيوية والمرح، وتبدو وكأنها قصص للبالغين.

وقد أوضحت كاتبة الأطفال بيثاني روبرتس أن من اسباب استخدام الحيوانات كشخصيات في كتب الأطفال ،هو \"أن شخصيات الحيوانات في كتاب تستطيع أن تفعل أمورا لا تستطيع شخصية الطفل فعلها\"، وهذا يساهم في اتساع مخيلة الأطفال ،ويدهشهم ،ويمنحهم سعادة .

إن غياب الحيوانات عن معظم قصص أطفالنا المحلية يساهم في اعاقة نمو الأطفال ومهاراتهم وأيضا لا يبني شخصياتهم ،ولا يعزز مشاعر الرحمة والعطف فيهم ،فوجود الحيوانات في قصص الأطفال ليس عبثا ،حيث يؤكد الكثير من الكتاب المتخصصين في الكتابة للأطفال أن الكتب التي يتواجد بها شخصيات من الحيوانات تعزز نبذ الوحشية ضد الحيوانات والآخرين ، وتربي الأطفال على احترام وحسن معاملة من يختلفون معهم بحنان، وتنمي فيهم حسي المسئولية والعدالة.

وبنظرة موجزة الى وجود شخصيات الحيوانات في كتب الأطفال، اعود إلى أول كتاب للأطفال وهو من اقدم كتب الأطفال وصدر في القرن السابع عشر، حيث استخدم المؤلف الحيوانات لتعلم الأطفال الحروف وسط جو صاخب وبهيج .

وفي العصر الفيكتوري اتخذت حكايات الاطفال مفهوم الحيوانات المتحدثة ، وهناك كتاب ابتكروا شخصيات تستند على حيوانات. ولتأثير الحيوانات في غرس قيم لدى الأطفال استمر استخدامها في قصص الأطفال حتى اليوم .

واتوقف عند ( الماعز ) والتي تتصدر قائمة الحيوانات الأليفة التي احببناها، وألفناها، لأنها من بيئتنا ، ولصغر حجمها ،الذي يقترب من اجسامنا الصغيرة ، ولقفزاتها السريعة ، وحركاتها الرشيقة .

ففي طفولتنا لعبنا معها، واهتمينا بها وشاركنا امهاتنا وابائنا مسئولية الاهتمام بها ، أتذكر سعادتي التي لا توصف عندما تطلب مني أمي أن أطعم عنزاتنا الصغيرة ،كنت امسح على شعرها ،واداعب اذنيها ، وأتحدث معها.  

لذا تستحق عنزاتنا الـرشيقة والشقية أن تكون في قصص اطفالنا وتنافس حكاية (العنزات الثلاث ) القادمة من حكايات النرويج .كما أن لأطفالنا حق على كل من يهتم بالكتابة للأطفال في وطني أن يسافر بحب إلى المناطق الجبلية في بلادنا ،وهناك سيجد تاريخ حكايات ثرية للأطفال اقتسموا تفاصيلها مع شغـب صغار الماعز والشياه التي شقـت الأودية، ولايزالون يركضون معها .

وبعد أؤمن بأننا نستطيع أن نصل بقصص الأطفال لدينا إلى مرتبة أدب الطفل الذي يشبهنا ويرى فيه أطفالنا سهولنا الخضراء، وأساطيرنا، ويسمعون ضحكاتهم مع ماعز تشاغب امها ،ويطلقون خيالهم نحو عوالم متجددة بالحياة ،ويحدث ذلك عندما نتـواصل مع كتاب أدب الطفل العالميين ،ونتعلم منهم كيف يكتبون أدبا متجدداً وحيويا يلهم ،ويمتع، ويعلم الصغار ،ويغرس فيهم السلوكيات الجمالية، ويعزز فيهم الحب والرحمة لكل مخلوقات الله .

 

 

التعليقات

أترك تعليق