مارينا تسفيتاييفا

مارينا تسفيتاييفا

 

 شاعرة الحب والجوع والمنافي

أرادت لها أمها أن تكون موسيقية ولكن أصابعها تسللت إلى الكلمات وعزفتها قصائد غنائية خالدة ، إنها الشاعرة الروسية مارينا تسفيتاييفا والتي تعتبر احد الشعراء المجددين في الشعر الروسي في القرن العشرين ، اعجب الشاعر الالماني ريلكة بشاعريتها \"ها أنا اكتب مثلك \" .

ولدت مارينا تسفيتاييفا في موسكو عام 1892م .كان والدها استاذاً جامعياً ومؤسس متحف الفنون الجميلة والذي اصبح فيما بعد متحف بوشكين للفنون الجميلة ، كانت امها عازفة بيانو . في السابعة عشر من عمرها نشرت مارينا تسفيتاييفا اول ديوان شعري لها والذي حمل عنوان ( البوم المساء) عام 1910 .

لم تكن مارينا تسفيتاييفا شاعرة فقط بل كتبت مسرحيات ونصوص نثرية بالإضافة الى ترجماتها اعمال عدد من الشعراء الى لغات مختلفة ومنهم الشاعر ريـلكة .

تزامنت حياة الشاعرة مارينا تسفيتاييفا مع السنوات المضطربة في التاريخ الروسي : ثورة البلشفية والحرب الأهلية والمجاعة ، فخلال مجاعة موسكو اجبرت ان تضع ابنتيها في ملجا للأيتام بموسكو ،حيث توفت ابنتها الصغرى بسبب الجوع عام 1919،وكان لذلك تأثيرا مؤلما عليها .التحق زوج مارينا  افرون بالجيش الأبيض ،وقد كتبت قصائداً عن الجيش الأبيض بين الأعوام 1918 الى 1920 تمجد الجيش الابيض وحربهم ضد البلشفية .

في عام 1922م ، هاجرت مارينا تسفيتاييفا مع عائلتها الى المانيا ثم الى براغ ومكثت في باريس حتى عام 1925 ، عانت مارينا تسفيتايفا الفقر مع عائلتها ، وقد عانت في باريس من نبذ الجالية الروسية لها ، ولكن سنوات الحرمان والمنفى لم تطفئ شعلة إبداعها فقد تواصلت مع عدد من الشعراء عبر المراسلات واللقاءات ابرزهم   ريلكه وباسترناك    كما اهدت أحد أعمالها إلى الشاعرة الروسية انا اخماتوف.

في براغ كتبت مارينا تسفيتاييفا أجمل قصائدها ، ونشرتها في باريس في مجموعتها الشعرية (بعد روسيا) ، كما نشرت كتب أخرى منها (الفراق ) عام 1921 ، و (قصائد الى بلوك ) عام 1923 م حيث نشرتهما   في برلين .

بعد عودتها الى لاتحاد السوفيتي عام 1939، اعدم زوج مارينا تسفيتاييفا ، وشهدت معاناة عدد من اصدقائها من بطش ستالين ، لم تتحمل ذلك ،فتوقفت عن الكتابة وكان هذا انتحارها الأخلاقي ، وبعد شهور وجدها ابنها مشنوقة ، تاركة له ورقة \" بجنون احبك ، قل للبابا واليا اذا رايتهم ،أنني احبهم حتى آخر لحظة من حياتي ، واشرح لهم بانني وصلت إلى طريق مسدود \"كان ذلك عام 1941 م .

كان الحب ثيمة قصائد مارينا تسفيتاييفا ، فقد كتبت عن الحب المعروف والحب المجهول بلغة صريحة ،كما وجد نقاد ومترجمو اعمالها  تأثير اغنيات الفلكلور في شعرها . صورت تسفيتاييفا   تجارب وخبرات وحال المرأة الروسية خلال السنوات العصيبة للاتحاد السوفيتي في تلك الفترة .

لم تربط مارينا تسفيتاييفا قصائدها بمدرسة معينة ، كما أنها لم تنضم الى أي حركة أدبية ،فقد كانت صوتا متفردا، وبعد الثورة الروسية .حاول لينين ان يستخدمها لصالحه ،ترجمت قصائدها للكثير من اللغات ويصنفها النقاد بان قصائدها تنتمي الى بالحركة الرمزية الروسية 

واليوم في مدينة يلابوقا الروسية اصبح منزل مارينا تسفيتاييفا متحفا ومعلما لها ، كما أعيد نشر الكثير من شعرها في الاتحاد السوفيتي ، وقد سٌمي كوكبا اكتشفه فلكي روسي باسمها ، وفي بولندا شيدت سفينة للأكاديمية الروسية للعلوم وحملت اسم مارينا .تسفيتاييفا تكريما لها

تم النشر في مجلة الجوبة العدد ٥٢*

التعليقات

أترك تعليق