فضائح جائزة نوبل

فضائح جائزة نوبل

 

 

عندما يكشف الإعلام العتمة :

صحيفة سويدية تكشف فضائح باكاديمية نوبل

إنه الإعلام الذي يحمل دورا مهما في رقي المجتمعات وتقدمها ، وأعتقد أنه لو لم تنشر صحيفة سويدية فضائح  أحد أعضا الأكاديمية السويدية لما سعت الأكاديمية لتصحيح الوضع  الذي عصف بسمعتها الثقافية كمؤسسة عالمية عريقة ،حيث تمثل  جوائزها أهم الجوائز في العالم ، لقد قررت الأكاديمية تأجيل  إعلان الفائز بجائزة الأداب لهذا العام إلي العام المقبل ، وقرارها هو بمثابة تصحيح أوضاع لجنة الجائزة التي أصبحت تواجه أيضا الكثير من الانتقادات بشأن نزاهتها في التحكيم في السنوات الأخيرة . 

والحكاية تبدأ عندما نشرت الصحيفة السويدية Dagens Nyheter في نوفمبر 2017  خبرا مفاده  أن 18 سيدة توجهن  بشكاوى تتناول تعرضهن لتحرشات ومضايقات  جنسية من شخصية  لها علاقة وثيقة بالاكاديمية ، ولم تصرح  الصحيفة في تلك الفترة بأسم الشخص .ولكنها ذكرت أن  هذه التحرشات والمضايقات تمت في شقق تمتلكها الأكاديمية السويدية في ستوكهولهم وباريس .

عينت  الأكاديمية محامي للتحقيق في الادعاءات ، بعد ذلك كشفت هوية الشخص  ، ولم يكن الشخص سوى المصور الفرنسي السويدي جان ارنو الشخصية المثقفة  البارزة في السويد ، وزوج الشاعرة كاترينا فروستينسون عضو في الاكاديمية ، وتمتلك فريستنسون وزوجها منتدى ثقافيا خاصا يتلقي دعما ماليا  من الاكاديمية ، ويقود المشهد الثقافي في السويد ،وقد تم إغلاقه مؤخرا بعد الإتهامات التي وجهت لارنو ،.وقد وجهت اتهامات عديدة  إلي أرنو منها تحرش جنسي ومضايقات غير لائقه ، ومنها  لمسه لولية عهد السويد الأميرة  فيكتوريا بطريقة غير لائقة في عام 2006   ، أيضا قيامه  بتسريب بعض أسماء بعض الفائزين بالجائزة  إلي الصحف قبل إعلانها رسميا ومنهن الفائزة بجائزة الآداب 2015 الكاتبة الصحفية سيفتلانا اليكسفيتش . 

وقد سببت  هذه الاتهامات  صدعا في الإكاديمية   بسبب بقاء فروستينسون كعضو  في الأكاديمية ، لذلك أقدم  عدد من أعضاء الأكاديمية  على تقديم استقالاتهم بسبب ذلك ، وعلى رأسهم سارة دينس أول سيدة تعين في منصب سكرتير دائم للأكاديمية ، حيث دعت إلي أن تجعل الأكاديمية الأخلاق في الأولوية ، كما انتقدت  قواعد  وتقاليد الأكاديمية  قائلة ” لاتستحق كل التقاليد  الحفاظ عليها“  وأشارت في لقاء صحفي معها ”أن الإهتمام بالتراث يجب أن لايعني العنجهية والبعد عن المجتمع ككل“ ، وذكرت أنها  فقدت الثقة في الأكاديمية ، بعد ذلك قدمت فروستينسون استقالاتها .

وقد تصاعدت ردود فعل على هذه الفضائح والاتهامات  على أعلى المستويات في السويد ، فقد صرح الملك كارل غوستاف ملك السويد  والذي يمثل الراعي للأكاديمية ،انه سوف يستخدم الحق الملكي ليغير قواعد الاكاديمية ،ووصف الفضيحة وتداعياتها بأنه  \"أمر مؤسف للغاية \" .أما رئيس الوزراء ستيفان لوفن فقد أشار إلي أن  الأمر يعود إلي الأكاديمية لتستعيد الثقة والإحترام .

أما في الأوساط الثقافية والإعلامية في السويد فقد لاقي قرار تأجيل إعلان الفائز بجائزة الآداب إلي العام القادم  ترحيبا حارا  في  الأوساط الثقافية  السويدية والعالمية ، حيث اعتبر  القرار خطوة للإصلاح والذي يصنف بانفتاح أكثر نحو العالم الخارجي ،  وقد تناقلت الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية والعربية  خبر تأجيل الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للآداب لهذا العام 2018 والتي كان من المقرر اعلانه في اكتوبر القادم .

وبعد تحية للصحافة  التي تنحاز للإصلاح  والتنمية ، وتطهير مؤسسات المجتمع   من الفساد  والمفسدين ، فالصحيفة السويدية هي التي فتحت الأسرار المعتمة التي لوثت الأكاديمية منذ حوالي عقدين ، وتبأطأت الأكاديمية في معالجة الأمر بحزم ، لتدفع الصحيفة عبر تفاعل الرأي العام الأكاديمية إلى تصحيح الخلل  الذي سبب الضرر لسمعة الأكاديمية  بشكل خاص والسويد بشكل عام ، ليس ذلك فقط بل  سلطت الضوء على اهمية إتخاذ اصلاحات جديدة في الأكاديمية ومنها تغيير  آلية تعيينات أعضاء الأكاديمية التي كانت تعييناتهم مدى الحياة وفتح ابواب الأكاديمية  لدخول  الكتاب الشباب في عضويتها  . 

وتحية مني لسارا  دينس .

 

سارا دينيس كاتبة وناقدة سويدية ،  برفيسورة  الأدب في جامعة ستوكهولم ، قسم الثقافة والجماليات ، بدات العمل كسكرتير دائم في الأكاديمية السويدية في يونيو 2015، وهى أول سيدة تحصل على هذا المنصب.  

المراجع : 

https://www.theguardian.com/books/2018/may/04/nobel-prize-for-literature-2018-cancelled-after-sexual-assault-scandal

https://www.nytimes.com/2018/05/04/world/europe/nobel-literature-swedish-academy.html

http://www.bbc.com/news/world-europe-43999240

التعليقات

أترك تعليق