اللعب الشهري والمرأة

اللعب الشهري والمرأة

 

 

هو فن نبت بين تل وغيمة، وتعالى صادحاً بأغنيات حب.

إنه (اللعب الشهري)، اللون التراثي الغنائي الجبلي، الذي تميز بوجود المرأة فيه، المرأة الشاعرة التي كانت تشارك بإبداعها الشعري جنباً إلى جنب مع الشاعر الرجل، كما كانت تقف الخنساء في سوق عكاظ.

وقد نشأ اللعب الشهري وازدهر في قبيلة بني شهر (النماص وتنومة)، ومنها انتشر في قبائل رجال الحجر كافة حتى وصل لعدد من مناطق المملكة، ولأن المرأة في قبيلة بني شهر تتسم بشخصية ذات استقلالية، وجمالية فكرية فلقد أبت إلا أن تكون حاضرة في هذا الفن بإبداعها وفكرها، فازهر هذا الفن الجميل، لتؤكد لنا أن الحياة ثنائية المرأة والرجل، وقد ظهر عدد من الشاعرات يغنون هذا اللون ومنهن الشاعرة بنت البرودي التي ذاع صيتها، وانتشرت قصائدها الجميلة.

أتوقف عند كلمة (لعب) بمعناها الذي يحمل البهجة، والفرح، والتسلية النقية أيضاً، واللعب الشهري هو الفن الوحيد في المملكة الذي يحمل هذه التسمية والتي أتت من لهجة أهل المنطقة. 

أما الموضوع الرئيسي للعب الشهري في بدايات نشأته وما زال هو عاطفة الحب بتداعياتها وتفاصيلها، الفراق، الوجد، الأحلام، الهجر، السهر، غياب الحبيب، العتاب الرقيق، وبين ذلك تمر الطبيعة الخلابة.

ويتميز اللعب الشهري بكلماته المحلية السهلة التي تحفظ بسرعة، وإيقاعه الموسيقي الرشيق، وتسمى البدع والرد، ويصاحب اللعب الشهري رقصة رشيقة.

وعندما عصف بنا ظلام التطرف الديني والذي ألقانا في موته طويلة لعقود، طمس تاريخ دور النساء في اللعب الشهري.

أتذكر تلك الليلة المقمرة في احتفالية فرح في بيتنا، تعالى فيها صوت شاعرة وبدأ اللعب الشهري وتحولت الجلسة النسائية لمحاورة شعرية ذات إيقاع موسيقي باذخ.

ولكنني أتالم لغياب اللعب الشهري من الأيام الثقافية التي تقيمها المملكة في الدول العربية والأجنبية، وأيضاً غيابه عن إعلامنا المقروء والمرئي والمسموع، وهو الفن الذي ينبذ العنصرية والقبائلية والمذهبية والتطرف، ويتغنى بالحب والمحبة والسلام والفرح وجماليات الطبيعة.

وتبقى لدي أمنية أن يكون (اللعب الشهري) حاضراً في الأيام الثقافية للمملكة وبنسخته الأصيلة أي محاورة بين شاعر وشاعرة، وتسليط الضوء عليه إعلامياً وثقافياً، فاللعب الشهري الذي جعلنا نعرف بأن أسلافنا أهل فنون، وأنهم احترموا النساء.

البدع/ لعبدالله الفرسة

يا أهل وادي تنومة سنعوا للما مجاري

من دموع الذي فارق حبيته وقت عصرا

الرد/ الشاعرة خديجة البرودي

حالتي في خطر واظن من علم جرى لي

عند باب الدوا صليت أنا ظهرا وعصرا

http://www.al-jazirah.com/2018/20181117/cm18.htm

التعليقات

أترك تعليق