المعيقلية

المعيقلية

 

إهمال تاريخنا الإقتصادي 

 

تمثل «المعيقلية» الجمالية بأبراجها الأربعة تاريخًا عابقًا لمدينة الرياض، فهي تتربع ببهاء تاريخي في حي الديرة، بالقرب من منطقة قصر الحكم، وتحيط بها أشجار خضراء كما لو أنها تحاول أن تحمي تاريخها الاقتصادي من النسيان والإهمال.

إن القادمين للتسوق في «المعيقلية» يمرون بدكاكين صغيرة مغلقة، كانت ذات يوم ممتلئة بأصوات الباعة والمتسوقين، يعرف كل ذلك الجميع حتى الذين ليسوا من أهل الرياض، فـ«المعيقلية» ليست لأهل الرياض أو السعودية فقط، ولكنها أيضًا مقصد سياحي للتسوق لزوار السعودية وضيوفها القادمين من الخارج.

كبرت مدينة الرياض واتسعت، وهذا طبيعي، ولكن للأسف أهملت «المعيقلية» الثرية بمحلاتها التجارية المتعددة، فأسواق المعيقلية كانت ومازالت تزود كل أسواق محافظات السعودية ببضائعها المتنوعة وبأسعار مناسبة، وتتضمن بضائعها العطور الشرقية والملابس والبخور والعسل والسمن ومنتجات القهوة العربية والبهارات وكماليات المنزل، ولقد ساهمت «المعيقلية» في تمكين المرأة، فمعظم عملائها من النساء اللواتي يزودن محلاتهن الصغيرة ببضائعها.

وها هو يأتي الصيف كل عام بشمسه اللاهبة، ويكشف لنا معاناة أسواق المعيقلية والباعة والمتسوقين فيها بسبب الحر، حيث لا توجد مكيفات في أغلب المحلات، وهناك مراوح تجلب الحر أيضًا، أما بالنسبة للمقاهي فلا يوجد إلا مقهى واحد مزقت الريح بمظلاته القماشية الرخيصة، وأتساءل لماذا لا تكون «المعيقلية» معلمًا تاريخيًا تسويقيًا استثماريًا منظمًا؟.

إن الاستثمار في الأسواق التاريخية في العالم استثمار ناجح بكل المقاييس، فرغم لهيب الشمس، فإنني أرى متسوقين كثر في «المعيقلية»، وأياديهم تحمل أكياس مشترياتهم الكبيرة، وهذا يعني أنها سوق استثمارية بامتياز ولكنها تحتاج إلى مقاهٍ مجهزة بأثاث جيد، وأيضًا ممرات أبراجها تحتاج لتزويدها بمكيفات مركزية والاستفادة من أدوارها العلوية المهجورة بطلالتها، كما تحتاج إلى مواقف منظمة تشتمل مواقف لأصحاب الاحتياجات الخاصة، وبين كل ذلك لابد من متابعة النظافة فيها.

يحزنني أن أرى إهمال أسواق «المعيقلية»، فالاهتمام بها حاجة ملحة وضرورية لتاريخ عاصمتنا الرياض، وأيضًا لدفع عجلة الاقتصاد، حيث أشارت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إلى دور سياحة التسوق في دفع عجلة اقتصاد البلدان وازدهارها، وإنني على يقين عندما يتم الاهتمام بها، فإننا لن نرى الباعة المتجولين والمتسولين من الأطفال الأفارقة وغيرهم.

مع الألم.. صورة من مقالتي إلى هيئة تطوير مدينة الرياض وإلى رجال الأعمال.

https://www.saudiopinions.org/11073/

التعليقات

أترك تعليق