معرض القاهرة وثقافة المواجهة

معرض القاهرة وثقافة المواجهة
 

كان لي موعد ثقافي جميل ولأول مرة في مصر الحبيبة، ذاك الموعد هو احتفالية التواصل الثقافي والإنساني بين الأمم عبر الثقافة، تلك الاحتفالية هي معرض الكتاب الدولي بالقاهرة في دورته 47. فأتيت بشوق إليه، ووجدت احتفالية تشع بثقافات وأفكار العالم، وبين كل ذلك كنت أتنفس نسائم مشبعة بثقافة إنسانية وحضارية عميقة فتواجدت الآداب وتخللتها أنغام الفرق الغنائية والموسيقية ووهج الفن التشكيلي والفلكلور الشعبي والسينما وقصص الأطفال، ومسرح العرائس والأفلام الوثائقية.

حطت دول عديدة على أفنان المعرض الشاسع، فها هي روسيا تعرض كتبها ويصحب ذلك محاضرات وورش عن العلاقات الثقافية العربية الروسية، وقد استعرض لي المسئول عن الجناح الروسي جدول الفعاليات الثري، وها هي الصين وعبر جناحين تعرض كتبها عبر الترجمة العربية ليتعرف المتلقي على تاريخ آداب وفنون ومتاحف الصين، وقد لفت نظري تواجد دولة من أمريكا الجنوبية إنها البارغواي، التي نعرفها عبر الرياضة فقط، ولكننا لا نعرف آدابها أو فنونها أو حياة الناس هناك لتأتي وتفتح شرفة لها عبر المعرض، أما غوته فقد صافح زوار المعرض عبر جناح ألمانيا. أسعدني وجود ورش عن الترجمة الأدبية والتي جعلت كل هذه المجتمعات تتناغم وتفهم بعضها البعض وتتعاون فيما بينها لأجل المحبة والسلام، وتوقفت ببهجة في جناح المركز القومي المصري للترجمة والذي يطلق بشكل مستمر وحثيث ترجماته من لغات مختلفة لإثراء المشهد العربي.

لم يشعر زائر معرض القاهرة الدولي للكتاب 47 بالملل ولا بالتعب، فهو يتنقل بين المحاضرات والأمسيات والندوات الثقافية المتنوعة، والتي تقام في الوقت ذاته، وكل هذه الفعاليات تحمل روحا مفعمة بالبهجة تمنح الحيوية لها، وتنعكس على زوار المعرض، ففي جناح مملكة البحرين وهي ضيفة شرف هذا العام، وقفت ومعي الكثير نستمع إلى عازف قانون مبدع متأملة مجلة البحرين الثقافية المعلقة في سقف الجناح بطريقة جمالية ومبتكرة لفتت انتباه الزوار.

ما أدهشني هو أن جميع المؤسسات والملتقيات والهيئات الثقافية الرسمية والخاصة تشع فعالياتها مع الحدث، وكأن مصر الجميلة تتحول إلى أرض أضواء ثقافية تنادي الجميع وتؤكد أن الثقافة فيها مستيقظة دائما وترحب بالجميع.

في مصر الثقافة وجدت أن الكتاب ليس نخبويا، فالمعرفة حق إنساني للجميع، فقد اعتدنا رؤية الكتب على أرصفتها، وفي أكشاكها الصغيرة الدافئة، وهناك قراء كثر يقفون أمامها، وهذا مؤشر يعني أن القراءة في وطننا العربي بخير.

عبر فعاليات المعرض حضرت كافة الأجناس الأدبية فلا يقصي أحدها الآخر، فجميع الأجناس الأدبية (الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرح وشعر العامية)متواجدة في المشهد الثقافي المصري والعربي. ولكل واحد من هذه الأجناس قراؤه ومحبوه.

انتهيت من زيارة معرض القاهرة الدولي 47 الدولي الكبير متأملة شعار المعرض وهي الرسالة التي تتزامن مع المرحلة الصعبة التي يعيشها الوطن العربي (الثقافة في المواجهة) نعم فالثقافة هي السور العالي والمنيع ضد الإرهاب وكل ما يقتل حياة الإنسان ومكتسبات الأوطان، فبالثقافة نستطيع أن نجد حلولا لمشكلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية ونحقق تنمية مستدامة إذا أدركت المؤسسات الثقافية الرسمية ذلك، أما المؤسسات الثقافية الخاصة فتعي ذلك جيدا وتورق أنشطتها فكرا إنسانيا يحمي الحياة.

 

التعليقات

أترك تعليق