الملكة عفت

الملكة عفت

 


                                                     الملكة عفت :  ريادة ضوء تعليم المرأة  
 

” كنت أشعر بحزن شديد عندما أرى الصغيرات يتزوجن في سن صغيرة ، أو يقمن بأعمال المنزل وغيرها من الأمور التي لاتناسب أعمارهن .. كنت أبحث عن طريقة لكي أحول حياتهن للأفضل“ 

الملكة عفت الثنيان 

 

يوم مختلف 

كان يوماً مختلفاً .. 

في ذلك  اليوم ، قدمت باخرة من إسطنبول و  نزلت  منها  شابة رقيقة   بوجه ملائكي باسم ، كانت ذات شقرة داكنة وعينان لوزيتان تشعان ببريق  آسر .

لأول مرة ، تنفست الشابة هواء وطنها الأم  ٠    

ذلك اليوم غير  حياة الشابة  ، وغيرت هي حياة مجتمع  بأكمله .

تلك  الشابة  الجميلة  هي  الملكة  عفت بنت  محمد بن عبدالله الثنيان  .

 

من هي عفت الثنيان ؟ 

عائلة الثنيان منحدرة من ثنيان شقيق محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى 

عاش جد عفت  عبدالله الثنيان في اسطنبول أيام السلطنة  العثمانية كان ذلك في حوالي القرن الثامن عشر .

 في إسطنبول تزوج عبدالله الثنيان من فتاة  تركية ، فأنجبت خمسة أبناء وبنتاً ومن الأبناء والد عفت محمد . 

وتزوج والد عفت محمد الثنيان من فتاة تركية من أصول شركسية . فأنجبت بنتاً وصبياً هما  : عفت  وزكي . 

 

 رسالة وعودة  

 كانت تركيا في تلك الفترة تمر  بالكثير من الإضطرابات  ، انتصر الحلفاء في  الحرب  وتم احتلال إسطنبول .بعد الحرب  عانت والدة عفت وأسرتها   ، فكتبت عمتها جوهران إلى الملك المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه  عن حال الأسرة وماكان منه إلا أن أمر بتحمل تكاليف سفرهم من إسطنبول إلى مكة .


 

وأسى لأجل المرأة 
 

من اللقاء الأول بها ، أحبها الشاب الأمير فيصل والذي كان نائباً للحجاز  في ذلك الوقت .وتزوجها .

عندما وصلت الأميرة عفت مكة اصيبت بخيبة أمل لظروف العيش الفقيرة ولكن كان حزنها الأكبر بسبب غياب التعليم  ، وحال المرأة .

 

سيدة  تنويرية ، ومجتمع  صعب  

نثرت  الأميرة الشابة  عفت  أفكار ها المستنيرة  والجديدة في  مجتمع  متمسك بعاداته وتقاليدة   ، وناضلت  لأجل ذلك ، كان  لابد أن تفعل ذلك وتنثر الضوء .

 مشت الأميرة عفت  الطريق الصعب الذي أنحنى لوهج شخصيتها  ، ولنور عقليتها  المتفتحة ، وخطواتها الوارفة  الواثقة ، وبدأت تسير بخطى سريعة مع زوجها فيصل نحو غرس أزهار حياة في المجتمع  في بدايات سيره نحو تنمية شاملة يكون للمرأة دور فيه .

 

فجر جديد للصغيرات   

كان قدوم الأميرة عفت بداية تاريخ فجر جديد مشرق  للمرأة السعودية  بشكل عام وللصغيرات بشكل خاص  ، فقد   كانت المرأة السعودية تحيا  بين أمية وجهل  وتهميش  ، 

كان هاجس الأميرة عفت تعليم المرأة وتثقيفها والنهوض بها ، وتغيير حالها للأفضل  .

أنصت للأميرة الطموحة عفت  زوجها الأمير فيصل وشعر  بحزنها على حال المرأة  ، وشاركها   الرؤى والطموحات والبرامج ، كما كان بجوارها  في تجاوز التحديات الجسيمة التي واجهتها  .

 لم تتوقف الأميرة عفت عندما أُقفلت  أبواب أمام بعض برامجها التعليمية ، وأكملت طريقها الذي تؤمن به لتنمية المرأة وتثقيفها     .

 

بداية الظهور للعلن 

بدأ ظهور الأميرة  عفت الساطع  على أرض الواقع  وللعلن ، وبدأ يتردد  أسمها في المجتمع  الحجازي المُحب والمتحضر وأيضا في الوطن بأكمله   .

قامت  الأميرة  عفت مع الأمير فيصل بافتتاح مدرسة الطائف النموذجية للبنين  ، واطلقت مدرسة الطائف النموذجية للبنات ، ولكن الفكرة لم تتلق ترحيباً  ولكنها لم تسمح أن يعيقها ذلك ، فأسست  مدرسة دار الحنان في جده في الستينيات  .

ولتكون بهجة للمرأة السعودية عندما  افتتحت الملكة عفت أول كلية للبنات في الرياض عام ١٩٦٧ .

لتمد المدارس ببنات الوطن .

 

محو جهل النساء 

 لم يكن اهتمام الملكة عفت فقط بتعليم المرأة بل مساعدتها لتحسين مستواها  ، ورفع الوعي لديها بأهمية استقلالها المادي ،  وتعزيز ثقتها بقدراتها  ، فكان تأسيسها   لجمعية النهضة الخيرية والتي تعلم النساء الأميات ،  وأيضا تصقل مهاراتهن الحرفية ، وتعزز ثقتهن في أنفسهن  .

 

عفت وحقوق أصحاب الهمم 

فتحت الملكة عفت النور على حقوق ذو الهمم والذين كانوا مهملين تماماً ، وبدأت المجتمع يستجيب لفكرة الإهتمام بهم ، وتشجيعهم ُ واحتوائهم بحب ،والثقة في قدراتهم .

 

الملكة عفت وحجاز   الإزهار   

أحبت أرض الحجاز  الرقيقة الملكة المتواضعة عفت  ، وأحبتها،  وأحبت أهلها  وفتحت لهم قلبها وبيتها ، وأنصتت لهم وحملت متاعبهم وهمومهم إلى الملك الفيصل الشريك والرفيق والزوج المحب  ،  كما أحبت وطنها بصدق تجلى في جهودها الحثيثة   لتغيير  حال  المجتمع والمرأة فيه للأفضل ، لإيمانها العميق بأن المجتمعات المتحضرة تزدهر  بحضور  النساء ومشاركتهن الفعلية في التنمية  مع الرجل  ،  .

 

وتبقى 

وتبقى عفت الثنيان اشراقة امرأة عظيمة بين صفحات تاريخنا السعودي المعاصر ،

 

وبعد 

شكراً عفت الثنيان …  

                                                                                                                                      8 مارس 2024  

  

التعليقات

التعليقات غير متاحةالتعليقات مغلقة حاليا علي المقالة