الرواية البوليسية :حب السلام ةالحياة

الرواية البوليسية :حب  السلام ةالحياة

 

يطلق مصطلح الرواية البوليسية على نوع من أنواع الروايات التي تمثل أدب الجريمة، والرواية البوليسية تعرض لغزاً محيراً يدور في فضاء الجريمة، ولكن باكتشاف عدد من القرائن ووجود المخبر السري يحل اللغز. ووصفت الرواية البوليسية بأنها رواية لعبة العقل والذكاء.

ففي الرواية البوليسية يقدم المؤلف للقارئ الجريمة، والمخبر، وقرائن عديدة وشكوك، لتأتي الذروة عندما يكشف المخبر المجرم ويقول كيف حل اللغز وكيف توصل إليه.

 

لم تكن الرواية البوليسية معروفة حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي عندما قدم الكاتب الأمريكي إدجار بو أول رواية بوليسية تحمل عنوان (قتلة في شارع ريو مورغ)، وقد أظهر قدرات المحقق الهاوي أوقست دوبن في رواياته (لغز ميري روقت)، و(الرسالة المسروقة). وتعد رواية إدجار بو (قتلة في شارع ريو مورغ 1841م) نموذجاً إبداعياً للرواية البوليسية، حيث يمثل أسلوب كتابتها أسلوب الغرفة المغلقة، حيث يكون الضحية في حاوية مغلقة، ويقوم المحقق بمواجهة تحدٍ كبير لاكتشاف القاتل. وقد نقل بو تركيز القصص البوليسية من الحالة البوليسية التي يصاحبها التخويف والرعب الذي يحدث في موقع الجريمة الحدث؛ إلى دراسة الفكر الإجرامي لدى المجرم. وقد تأثر بو بأعمال ديكنز التي احتوت عناصر القص البوليسي والترقب مثل بيت كئيب، ولغز أدوين دروود. وقد أكد عدد من النقاد أن إدجار بو مغرم بالألغاز والرموز السرية، وقد أظهر ولعه من خلال الرواية البوليسية واستطاع إبهار قرائه حتى لقبوه بعراب الرواية البوليسية.

وساهم روائي آخر في تطور الرواية البوليسية إنه الكاتب البريطاني ويلكي كولينز مؤلف روايتي (ذات الرداء الأبيض1860م)، و(حجر القمر1868م) التي اعتبرها البعض أول رواية إنجليزية تمثل الرواية البوليسية. وقد أكد كولينز في مقال نشر له عام 1858 م بعنوان الجمهور المجهول قائلاً: (يوجد جيل جديد من القراء أرادوا قراءة الكتب التي تعكس تغيير منزلتهم في المجتمع). وقد ساهم ارتفاع معدلات معرفة القراءة والكتابة إلى زيادة شعبية الروايات البوليسية.

وقد أحدث عام 1878م نقلة مهمة في الرواية البوليسية عندما تم نشر رواية (قضية ليفينورث) للشاعرة والروائية الأمريكية آنا كاثرين قرين، التي نالت استحسان ويلكي كولينز، حيث كانت أول كاتبة تكتب رواية بوليسية. وقد قدمت هذه الرواية عناصر العمل الرئيس في الرواية البوليسية، فأسست للرواية البولسية واستخدمها العديد من كتاب الرواية البوليسية في رواياتهم، وتعتبر أنا كاثرين أول من ابتكر شخصية المخبرة الأنثى.

العصر الذهبي للرواية البوليسية

مثلت عشرينات القرن التاسع عشر مفتاح العصر الذهبي للرواية البوليسية في بريطانيا وأمريكا، والعصر الذهبي يعني ازدهارها، ويعود ازدهار الرواية البوليسية في تلك الفترة إلى أسلوب الكتابة ذاتها، واعتبر أي كاتب كتب في تلك الفترة رواية بوليسية من كتاب العصر الذهبي للرواية البوليسية.

وخلال مرحلة ازدهار الرواية البوليسية ابتكر الناشر البريطاني إلان لين صاحب دار بنقوين بوكس للنشر فكرة تساعد على انتشار الرواية البوليسية وتجعلها في متناول الجميع، فقد امتلك مع أخويه حقوق نشر الروايات التي كتبتها الروائية دورثي سيارس وآخرون، وبدئ تنفيذ الفكرة في عام 1935 بأغلفة من الورق المقوى لعشرة كتب، وبسرعة وصلت إلى سبعين كتاباً خلال عام، ومن خلال دار نشر بنقوين بوكس التي اتخذت البطريق شعاراً لها أصبحت الروايات سهلة الوصول للقراء بسب سعرها المخفض، ووجودها في المكتبات، ومراكز التسوق والقطارات، وقد ساهمت مبادرة إلين في انتشار الروايات البوليسية بشكل سريع.

وقد أكد عدد من النقاد أن الرواية البوليسية ازدهرت بعد الحرب العالمية الثانية وتوقعوا أن السبب يتمثل في أن الناس أرادوا أن يثأروا من الجرائم التي ارتكبت في الحرب ضد الإنسانية ويشبعوا شغفهم الإنساني برؤية عقاب الجاني.

الرواية البوليسية الأمريكية

وصلت الرواية البوليسية الأمريكية ذروة ازدهارها في الثلاثينات والأربعينات من القرن التاسع عشر فمن خلال شهرة إليري كوين الاسم المستعار لأبناء العم مان فرد بي لي وفريدرك داني اللذين أنتج تعاونهما الأول رواية لغز القبعة الرومانية، التي نشرت عام 1929م، وأظهرت البطل وهو مخبر سري هاوٍ حل الألغاز مع والده ريتشارد كوين إليري، فحقق شعبية لدى القراء، وقد ألف إليري كوين ثلاثة وثلاثين رواية بوليسية على مدى 40 سنة أظهرت الأب والابن كفريق بحث سري. بعد ذلك ابتكر فرد وفريدرك شخصية مخبر سري أخرى نالت لدى القراء شعبية هي دراري لين، قدمت في عام 1923م.

ظهر في تلك الفترة نوع آخر من الرواية البوليسية، رواية القناع الأسود التي ظهرت مع تزايد عدد المجلات التي عرفت بدايتها بنشر قصص المغامرات، وبعد ذلك خصصت صفحاتها للرواية البوليسية، وأصبحت تلك المجلات نموذجاً للكتابة البوليسية.

أسست رواية القناع الأسود اتجاهاً ثورياً للقصة البوليسية الكلاسيكية، وكانت محاولة لابتكار نوع جديد في الرواية البوليسية الذي يعكس الحياة الواقعية في أمريكا في ذلك الوقت وظهر ذلك في شخصياتها.

الرواية البوليسية في ألمانيا

ما أن تذكر الرواية البوليسية في ألمانيا إلا ويذكر معها فريدريك شيللر وهوفمان اللذان كتبا أولى الروايات الألمانية.

بعد ذلك تطورت الرواية البوليسية من خلال تواصل كتاب ألمانيا مع كتاب من السويد، وقدمت نفسها مناهضةً للأوضاع الفاشية السائدة، وركزت على القيم الاجتماعية، واحترام الأقليات. وقد استغرقت الرواية أربعة عقود لتحقق النجاح.

وفي العصر الحاضر حققت الرواية البوليسية الألمانية نجاحاً في المشهد الثقافي الأوروبي بالرغم من اعتبار بعض الكتاب الألمان لها بأنها أدباً هزيلاً في المحيط اللغوي الألماني. وقد ترجم عدد من الروايات الألمانية إلى اللغة الإنجليزية، وقام كتاب الرواية البوليسية الألمان بتنظيم رابطات لأنفسهم لتحمل الرواية الألمانية البوليسية روحها الخاصة والتي أضافت فيه البعد الاجتماعي ووصلت إلى العالمية.

الرواية البوليسية الفرنسية

كان الكتاب الفرنسيون من أوائل كتاب الرواية البوليسية، ومازالت الرواية البوليسية الفرنسية تجد شعبية بين الأجناس الأدبية في الأدب الفرنسي، ويفضل الفرنسيون الرواية البوليسية الغامضة والمبهمة، وقد انجذب الفرنسيون إلى الكتابة عن القضايا التي تلمس الجانب المظلم في مجتمعاتهم. فالرواية الفرنسية تميل إلى التركيز على كشف الفساد الاجتماعي، والحكومي، وقد تحمل الكتاب الفرنسيون مسؤولية شجب الشر، من خلال اهتمامهم بخلق أجواء روائية خاصة طوروا شخوصهم فيها، وابتكروا فيها اتجاهاً جديداً للأسلوب السردي أكثر من اهتمامهم بالحبكة الروائية.

تطورت الرواية الفرنسية منذ بدايتها، وصنفت مع الروايتين الأمريكية والبريطانية في نفس المستوى الإبداعي.

وتعد رواية (القدر) للروائي الفرنسي فولتير أول رواية استخدم فيها التفكير المنطقي الذي يعد أحد ملامح الرواية البوليسية، واعتبرها كثير من النقاد أول رواية بوليسية، وقد وصف فولتير حصان الملك، وكلب الملكة بالرغم أنه لم يراهما ولكنه استخدم التفكير المنطقي من خلال ملاحظة أثارهما، وقد نشرت الرواية عام 1747م.

ويعتبر يوجيه فرانسو الشخصية الجذابة والمبهرة في تاريخ الجريمة الفرنسية، وهو مخبر الشرطة الذي أصبح فيما بعد أول رئيس في الشرطة الفرنسية، فقد كان راوية عظيم، وقد وثق قصة حياته في سيرة ذاتية. ولكن أول شخصية روائية بوليسية هو ليكو الذي ظهر في رواية الأرملة ليروج 1866م للكاتب الفرنسي إيملي قابرو الذي يعد أول كاتب فرنسي يكتب الرواية البوليسية الحديثة.

الرواية الإسكندنافية.. النمو باتجاه العالمية

لوقت طويل لازم أدب الرواية البوليسية في الدول الإسكندنافية (النرويج، الدنمارك، السويد، فنلندا) طقوساً خاصة بها، أدت إلى قلة انتشارها عالمياً ولمدة طويلة. وقد ظهرت الرواية الإسكندنافية إلى العالمية عندما ترجمت روايات بسجوال وهولو إلى لغات العالم الرئيسة وفي مقدمتها اللغة الإنجليزية لتشعل تلك الروايات شرارة التغيير في تاريخ الرواية الإسكندنافية.

شجع نجاح سجوال وهولو عدداً من الأدباء الإسكندنافيين فكتبوا الرواية البوليسية وأصبحوا معروفين في خارطة الأدب العالمي أمثال مانكل، فوسم، وبيتر هاكان.

أما الآن ومع تزايد عدد كتاب الرواية الإسكندنافيين الجدد المتميزين مثل لارسون ماركلند، ثيرون، كاميلا.. وآخرين؛ فقد بدأت الرواية الإسكندنافية تشق طريقها نحو العالمية، وتلفت اهتمام الكتاب في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، وبدأت تظهر صور كتاب إسكندنافيين على مواقع الشبكة العنكبوتية والصحف الأدبية في أمريكا وبريطانيا.

وفي مقال للروائي الأمريكي ناثينل ريتش 2009 بعنوان (موجة الرواية الإسكندنافية) طرح سؤاله: لماذا أكثر الناس سلاماً في الأرض يكتبون أعظم جرائم الرعب؟ حيث ذكر في مقاله أنه رغم أن النرويج والدنمارك حصلتا على المركزين الأول والثالث في قائمة الدول الأكثر استقراراً ورفاهية وسعادة، واحتلت السويد المرتبة الثالثة عشرة، وذلك في دليل السلام العالمي؛ يستطرد ريتش في مقاله: (إننا لن نندهش عندما نرى الروايات الصينية تتحدث عن ظلم الحكم الشيوعي والروايات الأوغندية تتحدث عن الجنود الأطفال؛ ولكن الرواية البوليسية الإسكندنافية تجعلنا نتساءل لماذا تنتج هذه الدول المحبة للسلام أفضل الروايات البوليسية التي حققت أكبر معدل في المبيعات أمثال مانكل فوسم، وكيف نفسر لارسون مؤلف رواية (فتاة وشم التنين) التي حصلت على المركز الثاني في الروايات الأكثر مبيعاً في العام الماضي).

وقد أظهر ريتش في مقاله أسباب ازدهار الرواية البوليسية الإسكندنافية اليوم، حيث ذكر من ضمن الأسباب تأثر الكتاب الإسكندنافيين بالروايات الإنجليزية التي كانت منتشرة لعقود عديدة، بالإضافة إلى رغبة الكتاب في تحقيق النجاح والانتشار خارج بلدانهم في أن يصلوا إلى القارئ الأمريكي والبريطاني.

فهم يدركون أن الطريق إلى تحقيق العالمية والوصول إلى الخارج هو الرواية البوليسية التي تستهوي القارئ في أمريكا وإنجلترا. فكتب الكاتب الإسكندنافي الرواية البوليسية حتى لو لم يكن الكاتب رأى جريمة في حياته.

عناصر الرواية البوليسية

الحدث، وغالباً ما يكون فعل قتل.

اللغز.

القاتل.

الضحية.

ظروف الجريمة (وقت ارتكابها، مكانها، شهودها).

- الدافع.

- الشخصيات المشتبه بها، وعادة ما يكونون أبرياء في أغلب الروايات.

- المخبر، وعادة ما يكون غريب الأطوار، ولكنه ثاقب الفكر. ويظهر المخبر السري في الروايات البوليسية الحديثة ليس فرداً، فقد يكون أكثر من شخص كأصدقاء أو أب وابنته أو أخوين.

- الأدلة والقرائن.

- حل اللغز.

أنواع الرواية البوليسية

1 - رواية الجريمة الجنائية

في رواية الجريمة الجنائية تكون عادة الأسماء والأماكن والأحداث حقيقية؛ ولكن الحبكة وسير الأحداث خيالية. ورواية الجريمة يوجد فيها الجريمة والمجرم وعمليات التحري والتحقيقات والمخبر السري.

2 - رواية المخبر

يظهر في رواية المخبر السري المخبر محققاً للجريمة، وكلمة مخبر لا تعني بالضرورة المخبر المحترف، فربما يكون طفلاً، أو كمبيوتر، أو شخصاً هاوياً، أو حيواناً، أو أي شيء أو أي شخص من خيال المؤلف.

3 - رواية الحذر

تعد روايات الحذر نوعاً مشهوراً في الرواية البوليسية، وهي لا تركز على المحققين المحترفين، وتظهر فيها الأنثى المحققة، وتكاد تخلو من التصوير العميق للعنف، وهي أخف نوع في الرواية البوليسية، فغالباً تكون بلا دماء أو طعنات وحشية. وتمثل المدن الصغيرة والقرى أماكن لهذا النوع من الروايات، وغالباً ما يكون المجرم إنساناً متحضراً وودوداً وقريباً من موقع الجريمة. من كتاب هذا النوع الروائيتان أجاثا كرسييتي، ودورثي سيرس.

4 - رواية التحريات البوليسية

في روايات التحري البوليسية تكون عمليات التحقيقات أكثر أهمية للقصة من الشخصيات المحققة التي تساعد في كشف الجريمة. ومن كتاب هذا النمط: بي دي جيمس، توني هيللرمان، جوزيف ومبوف.

5 - رواية من المجرم

ظهر هذا النوع في الرواية البوليسية الإنجليزية، وتعود التسمية إلى الكاتب دي جودان في، وتمثل هذا النوع رواية إدجار بو (قتلة في شارع ريو مارغ)، وتهدف إلى حل اللغز وكشف الحقيقة خلال مجموعة من الملاحظات والاستنتاجات المنطقية.

وتعد روايات المخبر السري، والتحريات البوليسية؛ من أكثر أنواع الرواية البوليسية انتشاراً.

 

قضية شرلوك هولمز

شرلوك هولمز هو محقق الروائي الطبيب الأسكتلندي آرثر كانون دويل الذي وصل إلى المشهد البوليسي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في رواية (دراسة في اللون القرمزي 1887)، امتلك هولمز نمطاً معيناً لم يمتلكه أي محقق من قبل، فبأسلوبه المتميز وموهبته في استنتاج القرائن مع صديقه د.واتسون؛ أبهر القراء.

استلهم الروائي الأسكتلندي آرثر دويل شخصية هولمز من د.جوزيف بيل الذي عمل لديه دويل كاتباً في المصحة الملكية في أدنبره، حيث لاحظ قدرة بيل على استخلاص استنتاجات كبيرة من أصغر الملاحظات بالإضافة إلى شخصية السير هنري جون المحاضر في قسم الطب الشرعي والصحة العامة في الكلية الملكية للجراحين الذي زود دويل بالرابط بين التحقيقات الطبية والجريمة.

ولكن شرلوك هولمز أثر على الروائي دويل، وتمثل هذا التأثير في قلة الإقبال على مؤلفاته الأخرى، مما جعل دويل يقتله في رواية قضية شرلوك هولمز، ولكن بناء على رغبة جمهور هولمز أعاده إلى الحياة في رواية عودة شرلوك هولمز.

ابتكر آرثر كونان دويل تقنية جديدة للرواية البوليسية وهي مزج العلم بالأدب أيضاً، مزج اللغز والتحقيق معاً، وظهرت أحداث رواياته صورة للحياة الواقعية في قالب سردي ظهر فيه ذكاؤه.

أجاثا كريستي كاتبة الرواية البوليسية

كاتبة أمريكية ولكنها تفضل أن تنعت بالكاتبة البريطانية، إنها أجاثا كريستي التي منحت الرواية البوليسية حضوراً متميزاً، وتعد كريستي أكثر كاتبة مشهورة للرواية البوليسية في العالم.

ترجمت روايات كريستي إلى أكثر من مئة لغة، كتبت كريستي ثمانين رواية، جعلت القراء والنقاد والمبدعين يقفون إجلالاً لموهبتها، لتحفز رواياتها الباحثين في مجال البحث الجنائي والأدباء والنقاد على دراستها.

فقد قام فريق بحث علمي من إحدى الجامعات الأوروبية بدراسة شخصية وكتابات أجاثا كريستي، وذلك من خلال دفاتر ملاحظاتها، ورواياتها؛ وظهر مستوى ذكاء كريستي اللغوي العالي، وتمثل ذلك في تكرار الكلمات الدليلية لأفكارها داخل مساحات لغوية صغيرة، فعندما تطلق فكرتها فإنها تعيد الكلمات الرئيسة التي تتشابه في المعنى في تعاقب سريع، هذا التعاقب الذي يعد لدى الباحثين نظرية في البرمجة اللغوية العصبية التي تؤكد تأثير تكرار الكلمات على العقل فتكرار الكلمات ثلاث مرات في فقرة واحدة تؤدي إلى اقتناع القارئ بفكرة ما، أيضاً يرى الباحثون -كما أكدت الدراسات العلمية- أن عقل الإنسان الواعي لديه تركيز محدود، فهو يستطيع أن يركز على معدل من 5-9 أشياء في وقت واحد، ولكنه لا يستطيع أن يتعقبها جميعاً بنسبة تركيز واحدة، فيذهب في تنويم مغناطيسي عقلي، وقد استخدمت أجاثا ذلك في شفرتها الأدبية الخاصة باستخدامها أكثر من تسع شخصيات وأكثر من تسعة خطوط لحبكات رواياتها في وقت واحد، وفي اللحظة التي يبدأ عقل القارئ بالتحميل يتم اكتشاف الرواية، والشعور بأحداثها والإغراق في تفاصيلها، ولأن المشاعر أكثر ظهوراً من الأفكار فإن الناس يربطون مشاعرهم باسم أجاثا كريستي ورواياتها.

واكتشف فريق البحث أيضاً أن كريستي لديها القدرة في ضبط سرعة وصفها لأحداث روايتها بتغيير مستوى الوصف، فنجد عنصر الوصف التفصيلي في بداية رواياتها أكثر من النهاية، وهذا يمثل عنصراً مهماً حيث نقرأ بسرعة باتجاه النهاية فنحن نندفع باتجاه النهاية لنعلم من هو المجرم.

أمثلة لكاتبات رواية بوليسية معاصرات

إليكس قراي - أسكتلندا- رواية قبلة جلاسقو 2009م.

كاميلا لاكبيرج -السويد- رواية أميرة الثلج.

كارين فوسم -النرويج- لقبت بملكة الجريمة النرويجية، حصلت على المركز 27 ضمن خمسين كاتباً وكاتبة عام 2008م. ترجمت أعمالها إلى ست عشرة لغة، وحصدت العديد من الجوائز. من أشهر رواياتها الثواني السوداء.

إن قرانجر -بريطانيا- من أشهر رواياتها رواية البرد في الأرض 1992م.

أنديرا سكنكل -ألمانيا- حصدت العديد من الجوائز، نشرت روايتها الأولى تانود 2006م، واستلهمت روايتها من حادثة قتل لأسرة في إحدى المدن الريفية الصغيرة.

حال الرواية البوليسية اليوم

مازالت الرواية البوليسية في بريطانيا تحتفظ بأجوائها الريفية، وبالمحقق الذكي والتفسيرات المنطقية، ولعل الملمح الجديد هو الابتعاد عن وجود جريمة قتل وحضور الاختفاء.

أما الرواية البوليسية الأمريكية فقد تدهورت وأصبحت تصور الواقع الأمريكي، وابتعدت عن الرواية كفن قصصي تشويقي. ولعل الجديد في عالم الرواية البوليسية الأمريكية هو وجود جرائم الجنس التي جسدت العنف الجسدي الوحشي.

لتبقى الرواية البوليسية في العالم رواية انتصار الخير على الشر، والسلام على الحرب، والحب على الكراهية.

 http://www.arabicmagazine.com/arabic/articleDetails.aspx?Id=1082

التعليقات