الاستخفاف بالكتابة غير التخيلية

الاستخفاف بالكتابة غير التخيلية

«افضل الكتب غير التخيلية إبداعية أيضا». هذا ما يؤكده الكاتب تريسي كيدر مؤلف كتاب روح آلة جديدة والذي حصل على جائزة بيلتزر عام 1982. إذن هناك كتب لا تعتمد على الخيال وإبداعية أيضا وقد تكون تاريخية أو علمية او سير ذاتية، ولكن في الوقت الحاضر يستسهل الكثير تأليف مثل هذه الكتب، وكثير ما اسمع من صديقة وأخريات التقيهن في محاضراتي أو امسياتي فتتحد اصواتهن «أريد أن أكتب رواية» لاكتشف بعد ذلك أنها تريد أن تكتب سيرة حياتها، او تؤلف كتابا عن مجال عملها. وهذا أحد أنماط الكتابة غير التخيلية، أما ماهي الكتابة التخيلية الغامضة لدي الكثير وهي كما تسمى باللغة الانجليزية nonfiction فلقد ورد تعريف لها في قاموس كمبريدج الرقمي بأنها « محتوى وغالبا ما يكون في شكل قصة ويتحمل مؤلفها مسئولية حقيقة ودقة الأحداث والشخصيات والمعلومات التي يقدمها «. وهي عكس الكتابة التخيلية (الرواية - الشعر - القصة - النثر) والذي يلعب خيال وفكر المؤلف دورا كبيرا فيها، والكتابة غير التخيلية ليست سهلة، بل هي كتابة بحثية وتفسيرية وجدلية تثير أراء القراء، وتفتح عوالم جديدة للمجتمعات وفضاءات تفكير وتساهم في تغيير المجتمعات وتنميتها كما ذكر الروائي البريطاني إيان مسيوان (أفضل طريقة لتخبر الناس عن بيئة التغيير هي الكتب غير التخيلية)، ومن انماط الكتابات غير التخيلية : مقالات الراي، والمقالات التي تتناول الآداب والفنون، والكتابة الصحفية، والكتابة التاريخية، أما الكتب غير التخيلية فمثل كتب السير الذاتية، وكتب التقنية، و التاريخ، والعلوم والاقتصاد وكتب السفر والرسوم البيانية، والقواميس .والكتب التي تتناول الفنون او الآداب

وقد حقق عدد من الكتب غير التخيلية جوائز رفيعة المستوى، ومن افضل الكتب على المستوى المحلي والخليجي والذي لايزال يحقق مبيعات عالية هو كتاب (حياة في الإدارة) للأديب د. غازي القصيبي، الذي أعيدت طباعته اكثر من مرة، وساهم في تـنمية قرائه بل اصبح في مكتبة معظم المدراء والموظفين في المملكة والخليج، وفي المشهد العالمي تصدر كتاب (تعليم هنري آدمز) للكاتب والمؤرخ هنري آدمز افضل كتب السير في القرن العشرين وقد حصل على جائزة بيلتزر واحتل الصدارة في قائمة الكتب غير التخيلية في المكتبة الحديثة، ايضا من الكتب غير التخيلية التي حققت شهرة: كتاب (فتاة الوشاح الحمر) للكاتبة الصينية جي لي يانج، وكتاب (الخيال .الليبرالي) ليونيل تريلينغ، وكتاب (أطفال الأزمات) لروبرت كولز، وكتاب (مذكرات فتاة صغيرة) لآن فرانك

ويبقى تساؤل عن سبب رغبة الكثير في تأليف كـتب غير تخيلية سطحية وهشة، مـن وجهة نظري هناك عدة اسباب منها: مناهجنا التعليمية التي اهملت التعريف بالكتب غير التخيلية، وايضا المؤسسات الثقافية كالأنـدية الأدبية التي لا تقيم ورش للتعريف بأنواع الكتابة، وغياب ورش التأليف عن البرامج الثقافية التي تصاحب معارض الكتب لدينا والفعاليات الثقافية وايضا قلة الكتب المترجمة في هذا المجال ففي العالم المتقدم تكثر الاصدارات عن ذلك والتي تعّرف بأنواع الكتابة، وخطوات تأليف كتاب، ولا انسى سبات المكتبات العامة ذات كانوترات الاستقبال الخالية من الموظفين، بالإضافة إلى الأقسام الأدبية في الجامعات والغارقة في صراعات الكراسي .العتيقة

ويبقى دور الكتب غـير التخيلية هاما ومـؤثرا في تنمية معارف المجتمعات وتوسيع آفاق تفكير افرادها، وإثراء فكر الأفـراد جميعا، ولكن عـندما تقدم الحقائق .والمعلومات والشواهد والأحداث بأسلوب شيق وأمانة علمية

http://www.al-jazirah.com/2016/20160326/cu12.htm

التعليقات

أترك تعليق