لنخرج ونسرق الخيول

لنخرج ونسرق الخيول

 

حكاية الأبوة والحرب والعزلة

في قراءة لرواية لنخرج ونسرق الخيول، للروائي النرويجي بير بيترسون وعنونها بمكان منعزل، كتب الكاتب الأمريكي توماس ماكلوين (نتخيل أنفسنا، وكأننا رأينا تروند ساندر، الحرفي الأوسلوي الذي فقد زوجته وأخته مؤخراً، ويريد أن يعالج وحدته بالانغماس في العزلة).

وقد حصلت رواية لنخرج ونسرق الخيول الصادرة عام 2003 على جائزة الكتاب الأكثر مبيعاً في .السويد وفي الولايات المتحدة الأمريكية. كما فازت بجائزة إمباك الدولية 2007

اتخذ الكاتب النرويجي بير بيترسون خطاً آخر في اختيار موضوعات رواياته يختلف عن الكتاب الإسكندينافيين، حيث ركزوا على رواية الجريمة، وردد قائلاً (سعيد أن أترك روايات الجريمة للآخرين)، (وأنا أكتب عن الأسر، وهم نحن)، ليتناول في روايته (لنخرج ونسرق الخيول) ملمحاً لا نراه كثيراً في السرد الروائي العالمي، وهو علاقة الابن بأبيه، وحياة العائلة من خلال تروند .وأبيه

الزمن مطلع تشرين الثاني، والمكان بيت في أقصى شرق النرويج اختاره تروند ليسكن فيه ويحيا عزلته، لا يسكنه معه إلا كلبته ليرا، ويبدأ في تقديم نفسه لنا، من خلال سرده تجتاحنا وحدته، ثم .يتوغل بنا في لقاء المصادفة بشقيق صديقه القديم جون هوغ الذي أمضى معه أيام صباه

يفتح لنا تروند حكايته ويتوغل في تفاصيلها، يأسرنا بذكرياته مع أبيه. وعلاقته بأبيه هي المحور الرئيس في الرواية، ومن خلالها تتناسل أحداث الرواية. يعبر بنا تروند إلى حياته الخاصة رويداً، رويداً، ويجعلنا نلاحق استنتاجاتنا حول حياته العائلية، فنستنتج حبه لزوجته، وحزنه على فراقها، .ونتأكد من شعور يخالجنا أنه ابتعد عن العالم لفقدها الموجع

وبينما يحكي لنا تروند، يمر بنا عبر زمن احتلال ألمانيا للنرويج، فالرواية تبدأ أحداثها بعد الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات، نتنقل مع والد تروند بين السويد والنرويج، ونتابع سرد السارد الصبي الودود تروند لتفاصيل هذه التنقلات عبر الحدود وعلاقة الحدود بوالد تروند تلك العلاقة .التي انعكست على شخصيته

يسير بنا تروند بين طبيعة النرويج الخلابة، فنرى الثلج، والغابات والأنهار، وطيور البط، وجذوع .التنوب، والبتولا، ونسمع صوت حفيف أشجار الغابات

يغيب جون في بداية الرواية، ويظهر أخوه لارس وفي منتصف الرواية يحكي لنا عن جون ويروي فضولنا في معرفة إجابة لسؤال أين ذهب جون؟ يظهر لنا بيترسون بإبداعية ملامح ساندر والد تروند المقاوم والرجل الصامت الحكيم الذي يعبر بذكائه الحدود، ويمر بجوار الجنود الألمان، كما يتوغل بنا في غموض شخصية وأفعال أم جون، فنحاول القبض عليها، ونحن نراها تبحر، ونسر بمساعدتها لوالد تروند، ولكن لم تكشف لنا علاقتها بوضوح، فهناك شيء بينهما لا يعرفه غير النهر، أيضاً العاطفة التي تشده وتبتعد إلى أم جون التي تسكن بين يقظته ومنامه وملاحقة أم .جون لتروند في أحلامه

 نتابع نظرات عيني تروند التي تتابع أباه في الحقل وفي الغابة، وترى علاقته مع فرانز، فيمتلئ .بإعجاب بفرانز الذي يذكره بصديقه جون الذي اختفى

تظهر لنا في نهاية الرواية إيلين ابنة تروند التي بحثت عنه كثيراً، لنعرف أنه لم يجتمع بها منذ أشهر، وتكشف لنا تفاصيل عن شخصيته بقيت في ذاكرتها منذ طفولتها، مثل حبه لروايات تشالرز ديكنز. ننتهي من الرواية ونشعر كأن بير بيترسون كان يسر إلينا بأسرار بطله الخاصة التي أنصتنا لها بكل جوارحنا، شعرنا بقربه منا، لنكتشف أن رواية لنخرج ونسرق الخيول شكلت أحداثها من مغامرات صبيين على صهوة حصانين كانا حلمهما، وترك مؤلفها لخيالاتنا أن تبحر .في أم جون وعلاقتها بساندر والد تروند

http://www.arabicmagazine.com/arabic/articleDetails.aspx?Id=4005

التعليقات

أترك تعليق