قلعة في البيرنيه

قلعة في البيرنيه

 

رواية الحب وتخوم المعتقدات 

(انفجار الكون)، (أنتِ من كنتها، وأنا من ستكونها)، تُرى مَن المرأة ذات الشال الوردي التي ظهرت واختفت فجأة؟ هل لقاء الفندق كان محض صدفة، أم أن هناك قوى خفية، كل هذه الحقائق والتساؤلات نجدها في رواية قلعة في البيرينيه للكاتب النرويجي غوستاين غاردر الذي قدم الفلسفة الأوروبية إلى العالم من خلال روايته عالم صوفي التي حققت له شهره عالمية، وكما فعل غاردر في رواياته السابقة فإن رواية قلعة في البيرينيه التي حققت أعلى المبيعات في الولايات المتحدة وبريطانيا ترتكز أيضاً على إشكالية فلسفية، حيث يشرك غاردر القارئ في نقاش حول الإيمان والواقع، والكون، والغيبيات.

تحمل رواية قلعة في البيرينيه عنوان لوحة للفنان البلجيكي رينيه مارغريت (قلعة في البرينيه) والتي تمثل المعاني الفلسفية التي تتضمنها الرواية، والإشكالات التي بقيت معلقة بين بطلي الرواية.

تبدأ الرواية بلقاء صدفة للحبيبين ستاين وسولرن في شرفة الفندق ذاته الذي احتوى حكاية حبهما قبل ثلاثين عاماً ودام خمس سنوات، حيث يثير هذا اللقاء تساؤلاتهما، وشكوكهما، ومعتقداتهما، يعود ستاين وسولرن من خلال هذا اللقاء إلى بعضهما البعض، ويشتعل حبهما مرة أخرى، ولكن عبر رسائل إلكترونية، ومن خلال رسائلهما يقدم غاردر بطليه، فستاين عالم مناخ وباحثاً في الرياضيات وعلوم الطبيعة، شخصية عملية تحليلية يؤمن بالحقائق العلمية، والصدف المحضة، ويتجنب الأفكار الخارقة، ويتقبل العالم كما هو، بينما سولرن معلمة في مدرسة ثانوية، شخصية تؤمن بالقوى الخفية والغيبيات والقدر، وتبحث عن المعاني الغيبية، وعندما تتعب في الوصول لتفسيرات لها، فإنها تلجأ إلى النظريات الروحية، وقد فسرت لقاءهما في الفندق بإرادة القدر. يثير غاردر انتباه القارئ، بخيالاته ومعلوماته من خلال حادثة اختفاء وظهور امرأة العِنَبية ذات الشال الوردي تلك الحادثة التي هزت إيمان ستاين وسولرن، وأربكت حبهما، وافترقا بعدها بحيرة تملأ كليهما. 

في رواية قلعة في البيرينيه، يبين غاردر لنا كيف أن الأحداث الصغيرة تستطيع أن تهز إيمان الشخص، مثل لقاء غير متوقع بشخص أو إيذاء غريب عن طريق الخطأ، وأن تفسيرنا للحادثة مهم بمقدار أهمية الحادثة ذاتها، وظهر ذلك لدى سولرن وستاين، حيث نظر كل منهما إلى حادثة المرأة العنبية بطريقة درامية مختلفة عن الآخر، لتكون النتيجة اختلاف شخصيتيهما. وتأتي نهاية الرواية كما لو أن لكمة قوية سددت إلينا، لتجعلنا نفكر في كل مادار بين الحبيبين ستاين وسولرن اللذين التقيا في سبعينات القرن الماضي، وافترقا في لحظة، بقي تفسيرها في أفكار كل واحد منهما.

رواية قلعة في البيرينيه هي رواية الحب الذي لا يموت، وإن توارى لفترة من الزمن، رواية الشك والإيمان، رواية الأفكار العلمية والفلسفية معاً، رواية الأسئلة التي تخلق أسئلة جديدة:

هل العلم يفسر كل شيء؟ 

هل بعض القوى الظاهرية تسيطر على حياتنا؟.

رواية قلعة في البيرينيه رواية كاتب مبدع دمج قصة حب بأفكار فلسفية شائكة ومعقدة بلغة سلسة.

 http://www.arabicmagazine.com/arabic/articleDetails.aspx?Id=4005

 

 

 

التعليقات

أترك تعليق