تويتر يُسقط ويُعلي
لم يعلم «جاك دورسي» – في اعتقادي – عندما أطلق عصفوره الصغير، أشهر شبكات التواصل الاجتماعي «تويتر»، عام 2006، بأنه سيصل لما وراء رغبته، وهي التواصل.
فقد أظهرت نتائج دراسات علمية بأن «تويتر» يستطيع كشف شخصياتنا، وعدم مصداقيتنا، وبالنسبة لنا – أقصد مجتمعنا السعودي – فقد قام تويتر – العصفور الصغير – وبطريقة رقيقة بكشف الكثير والمثير، فلقد أزاح الستار عن مدعي الثقافة و«المتثيقفين» الذين تسيدوا المشهد الثقافي لدينا لعقود طويلة، وأسقطهم، ولم يكتف عصفور «جاك» بذلك، بل أسقط الأكاديميين الذين أزعجونا بأفكارهم التراثية، وحكايات جاحظهم، والطرائف البليدة التي تقصي المرأة.
أيضا دخل «تويتر» عالم المترجمين خريجي معاهد تعلم اللغة الإنجليزية في أسبوعين، وكشف لنا ترجماتهم الخاطئة والمغلوطة والتي بنوا عليها مقالاتهم، واستطاعوا خلال السنوات الماضية بناء جماهيرية واسعة من القراء، ولكنهم سقطوا مؤخرًا، أيضا فحص المشاغب «تويتر» أصحاب الشهادات الوهمية، فتوارى البعض منهم.
أما عبر أرشيفه المخيف، فقد أظهر «تويتر» المستشرفين والذين كانوا يحاربون التنويريين في سنوات مضت وأيام «الموتة» الصحوة، فظهرت تغريداتهم القديمة المقيتة وأسقطهم.
وكشف أيضًا فكر الذين يحضرون الملتقيات الأدبية والفنية والفلسفية وبقيت عقليتهم المؤدلجة حاضرة وبقوة، تلك التي حملت عنصرية تجاه المرأة وحقوقها.
واقترب «تويتر» كذلك من عالم مطوري الذات والتنمية البشرية، الذين بدأوا يتجهون لعالم الأدب والكتابة، وأطلقوا المارد الذي بداخلهم.
أما على الضفة الأخرى من النهر، فلقد أعلى «تويتر» حضور أصحاب العقليات المتفتحة، أصدقاء الفكر والوعي والمشاعر الشفافة، أصدقاء الإنسانية، كما عرّفنا على متابعين رائعين يمنحون تغريداتنا ألقًا جديدًا.
شكرًا لـ«عصفور دورسي»، الذي ساهم وبقوة جبارة في زيادة الوعي لأفراد مجتمعنا ولكن ليس جميعهم، بل الذين يريدون أن يفهموا وينموا فكرهم، ليصبحوا أكثر وعيًا من أجل جودة حياة عقلياتهم بالمقام الأول.
https://www.saudiopinions.org/12650/