حكايتي وترجمة أدبنا
أفزعني وأبهجني عندما نشر المحرر الثقافي محمد المرزوقي هنا في المجلة الثقافية خبراً عن فكرتي أو زهرتي الصغيرة (ترجمة لآلي من الأدب السعودي) قبل أكثر من أسبوع، وسبب الفزع هو المسئولية الكبرى التي تلف فكرتي، أما بهجتي فكان سببها أن شذى فكرتي وصل إلي الأصدقاء الجماليين، وتم دعمها إعلامياً عبر نشر خبر عنها ونشر الخبر يوثق حقوق فكرتي حتي لا يسرقها لصوص الثقافة ومدعوها.
بدأت فكرتي لترجمة اقتباسات سردية ومقاطع شعرية من أدبنا تشاغبني منذ أعوام، وفي بداية سبتمبر الماضي بدأت في تنفيذها الذي تزامن مع اليوم العالمي للترجمة.
كان العديد من الأصدقاء يطرحون لي سؤال لماذا لا تترجمين من أدبنا؟ وكنت أصمت، ولم أخبرهم بالإجابات الحقيقية، ولكن عبر مقالتي
هنا سوف أمنح ضوءًا حول ذلك.
الأمر الأول يتعلق بماهية الترجمة الأدبية وضعف وجودها في مشهدنا الثقافي، حيث لاحظت أن لدي معظم كتابنا عدم إدراك بالترجمة الأدبية، والمترجم الأدبي ومن يكون؟ وأذكر هنا عندما يتواصل أي أحد معهم ويخبرهم أنه سوف يترجم لهم يتسارعون إليه دون أن يعرفوا مدى كفاءته، ومدى إبداعه، وعرفت ذلك من خلال لقاءاتي بهم/ هن، واكتشف بعد ذلك أن هذا المترجم ليس إلا مدرسا أو مدرسة للغة إنجليزية أو فرنسية، أو تاجر (شنطة)؛ أي مرتزقة كما صنفتهم إحدى جمعيات الترجمة الأمريكية الأدبية وهؤلاء يسيئون للإبداع، بعد ذلك بدأت في فتح ضوء ساطع على الترجمة الأدبية وأهميتها وإشكالياتها، ودعم ذلك الضوء الكتاب الصحفيون الذين هم في الأصل شعراء أو كتاب مبدعون، حيث نشروا تحقيقات عبر صفحاتهم الثقافية عن الترجمة الأدبية، وساهم ذلك في اتساع فكر الكاتب لدينا إلى حد كبير حول الترجمة الأدبية، كما اتسع فكر المتلقي المثقف الذي يملك وعياً ثقافياً عالياً.
أما الأمر الثاني فيتعلق بي أنا كمترجمة أدبية، فكنت أريد أن أبحر أكثر في الآداب الأجنبية، وفي ثقافة الآخر، وقد منحني هذا الإبحار معرفة وعلماً وثقافة شاسعة، واستطعت التمييز بين الثقافات وبين جماليات النصوص، وفكر الكتاب، وتقاطعات الكتاب والثقافات واللغات، وإشكاليات الترجمة عبر الكتب والأبحاث ولقاءات الزملاء المترجمين الذين سبقوني كثيراً في ذلك المجال، وما زلت أتذكر المترجم العربي الذي نصحني أن أبقى مترجمة هاوية، ويقصد هنا بالهواية الاستقلال حتى لا يفرض علي ترجمة ما لا أريد، واكتشفت أن معه حق فالترجمة الأدبية فن، والفنان يرفض القيود.
لتأتي فكرة ترجمة اقتباسات ومقاطع من أدبنا وتتبلور لتتشح بمسئوليتي الثقافية والوطنية في دعم إبداع أدبنا السعودي وتحقيق رؤية 2030 العظيمة، والتي بدأت تفتح بلادنا للتواصل الحضاري مع الآخر عبر الفنون والموسيقى والسياحة.
ولكن كان يشغلني كيف أقدم لآلئ أدبنا للمتلقي الأجنبي المتقدم!. أشغلني ذلك كثيراً ولكني أدرك أهمية الصورة، فكان لا بد من حضور الصورة وتداخل هذا مع الاقتباسات وأجوائها، لكي أجذب القارئ الأجنبي إلى أدبنا بطريقة جمالية، ولكي تتفتح في ذهنه تصور جديد عنا في عصر التحولات العظيمة ويشرق إبداع كتابنا.
سألني الكثير من الزملاء عن معايير اختياراتي للاقتباسات، وهنا لا بد أن أوضح أنه ليس لدي معايير أكاديمية قديمة جامدة، معاييري تخضع لذائقتي الشخصية، وأهم معيار هو الحب، ويتجلى هذا الحب في إعجابي بالنص الذي يختطفني من اللحظة الأولى، وأسمع موسيقاه بين كل كلمة، وبين معيار الحب يختبئ معيار شفيف وهو معرفتي وصداقتي القريبة لكاتب/كاتبة الأصلي، وهذه الصداقة المحبة هي التي تجعلني أشعر بالأمن.مع كاتب النص، وأقصد هنا الأمن أنه كاتب جميل وجمالي و(حقيقي ) في النص، وفي الواقع معا ، فالترجمة الأدبية علاقة محبة و(الفة ) وتناغم بين كاتب النص ومترجمه .أما ثيمة الاقتباسات التي اختارها فهي ثيمة الحب ، فا أنا أريد القارئ الأجنبي أن يعرف كيف نرى الحب!، وكيف يبرق في كتاباتنا ، كيف يتوارى عنا ، كيف نرتعش به !وكيف يمطرناأغنيات .
وقبل وبعد ، مشروعي ( #ترجمة لآليء منالأدب السعودي ) هو زهرة صغيرة بدأت تنمووتزهر بشذى من أدبنا السعودي الذي سوف أقدمه للعالم بصورة جمالية مختلفة، وهنا اقتبس عبارة الشاعرة والمترجمة الروسية ماريناتسفيتاييفا عندما ترجمت أعمال الشاعر ريلكة ( اليوم أريد أن يتحدث ريلكه من خلالي ) وأقول أنا :اليوم ، أريد أن يغني محمدعابس، حنان مسلم ، عبدالرحمن الدرعان ،نوره عبيري ، جمعان الكرت ، عبدالرحمن العكيمي عبري .