حناء العيد
حناء العيد وأمي وأنا
تركية العمري
الحناء من تفاصيل حنان العيد بين أحضان أمي ، ليلة العيد أجلس أمام أمي مثل أرنوبة صغيرة ، ابتسم وأنا أرى الزبدية التي تعجن فيها الحناء ، اتتبع حركة يدها النحيلة وهي تصب بهدوء الماء الدافيء على الحناء ثم تعجنها لا بل تهدهدها وابتسامة على شفتيها ، وهي تحدثني عن أن الحناء تحب الصغيرات المطيعات ، تراقب عيناي الصغيرتان كل ذلك بفرح ، تغطي أمي الزبدية بغطائها المزخرف ، أطير فرحًا ، تنتظر كفوفي الصغيرة المساء ، ويأتي المساء البهيج ، وتملأ فرحة قدوم العيد بيتنا ، بعد العشاء اتربع أمام أمي ، تبسمل تمسك يدي بحنو ثم تضع قطعة صغيرة من الحناء في باطن كفي ، وتفردها قليلا بشكل دائري ، ثم تبدأ في تلوين أناملي ، وتربط عليها قطعة قماش صغيرة مزهرة ، وتفعل ذلك مع يدي الأخرى ، أمي تعلم أنني أتقلب كثيرا على فراشي ، فتربط قطعة القماش باحكام ، أركض لفراشي وأغمض عيناي وأحلم كيف ستكون كفوفي الصغيرة في الغد وكيف أتباهى أمام قريناتي ، بنات جيراننا ، ويأتي صباح العيد الشهي ، أصحو مبكرا ، تفك أمي اللفة المزهرة ، وكلما فتحت جزء منها تتدافع دقات قلبي الصغير ، تبرق زهرة صغيرة تتشح بالأحمر ، أصرخ بفرح ، ولكن فيْ لحظة أصمت ، فلقد اتسعت الحناء على ابهامي ، تضحك أمي ، تمتدح حناي ، أركض أغسل يدي . بعد ساعة تتفتح في كفوفي الصغيرة زهرة توت لها شذى رائحة أمي .