روايتي بين سرديات سعودية
ويغني لي ياكاثرين
دردشات امرأة تائهة بين الواقع والمؤمل
مقتطفات من الورقة النقدية
للكاتب فرج مجاهد ( جمهورية مصر العربية )
عن رواية ( ويغني لي ياكاثرين )
*********************
كان مساء يوم الأحد 4 سبتمبر 2022 استضافة روايتي ( ويغني لي ياكاثرين ) في مساحة سرديات سعودية عبر تويتر ، من خلال قراءات نقدية للرواية لكلا من :
الكاتب المصري فرج مجاهد
الكاتبة : سارة الرشيدان
ومؤسسة سرديات سعودية د. سميرة الزهراني
وقد تناولت ورقة الكاتب فرج مجاهد حضور معاناة المرأة في الرواية وكيف كشفت عنها الساردة في فضاء سردي تمحور حول شخصية البطلة ( ملأ بنت عبدالله الرامش ) .
ويغني لي .. يا كاثرين
دردشات امرأة تائهة بين الواقع والمؤمل
الكاتب فرج مجاهد
مقتطفات من الورقة :
”بكل حذاقة سردية، وذكاء فطري متقد، ومكنة سردية قادرة على الحكي وحشد كل من الأسماء التي لم تنأ عن العوالم الحكائية، والدردشات الحوارية لامرأة تحاول أن تعبر الواقع إلي المؤمل على أطياف الحب الذي يبدأ صراعاً ويتبنى صراعاً من أجل أن يكشف عن حكايات مخنوقة بين جدران المدن المغلقة\"
تدخل المبدعة \"تركية العمري\" بقدميها الحافيتين إلي حقول الشوك وبساتين الصبار، لتروي الممنوع والمرغوب الواقع والمؤمل، الضرورة وفقدانها، في أقسام روايتها التي حملت عنوان \"ويغني لي يا كاثرين\" والصادرة عن داري المؤلف في بيروت ومعالم في أبو ظبي عام 2019 م
ولعل عنوان الرواية اللافت للعين أول ما يستوقفنا توظيف واو الاستمرارية التي تعني أن حدثاً ما جري وجاءت الواو لاستمرارية ذلك الحدث الذي يشير إلى الغير هو يغني وضمير المتكلم لي، ثم تأتي ياء النداء التي تحرض كاثرين ليس إلى القول والحكي وإنما للاستماع وكأنها مرآة بطلة الرواية \"ملأ بنت عبد الله بني جابر الرامش\" مع أن كاثرين شخصية حقيقية جاءت من باريس لإجراء أبحاث فالتقت بالبطلة وفتحت لها صدرها لتروي حكايتها على مدار رواية أقل ما يقال عند تصنيفها أنها رواية شخصية مدارها شخصية بعينها ليست بعيدة عن كاتبتها بل يعتبرها بعضهم صورة منها ”
الملفت في أقسام الرواية العشرة أنها كانت غير متوازية في السرد فبينما نجد القسم الأول امتد على مساحة 32 صفحة، والقسم الثاني 36 صفحة، والقسم الثالث 45 صفحة، بينما اقتصر القسم الرابع على 12 صفحة، والخامس 14 صفحة، والسادس 9 صفحات، والسابع15 صفحة، والثامن 5 صفحات، والتاسع صفحتان، والعاشر 4 صفحات، وهذا ما يشير إلي أن نفس المبدعة في السرد بدأ يضيق بعد الفصل الخامس مع أن أحداث الرواية قابلة إلي الحكي والسرد وأعتقد أن المبدعة قد أحسنت في اختصار سردها واختزاله بعد القسم الخامس حتى لا يبقي أسلوب الحكي والدردشة يمضي في امتداده خوفاً أن يصل إلي الملل والإطالة المملة.
الملفت في الرواية وجود أكثر من تسعين اسماً توزعت على مستويات السرد، هذه الأسماء لم يكن معظمها صاحب دور باستثناء البطلة وأمها وخالتها وكاثرين وبسام وعيشه وحشيمة المفزعي ولجين بينما باقي الأسماء مجرد تزيين للوحة كبيرة ترسمها البطلة في بلدتها \"نجمانة .
فتأخذ من كاثرين الصوت الآخر الذي تروي له وتحكي دون إجابة أو حوار لذلك كانت مجرد تحريض لدواخل البطلة لأن تروي معاناتها مع أهلها ومع من يحترم رغبتها في الرجل \"أريد رجلاً يصل إلي جداول فكري\" قبل جسدي ينصت إلى كلماتي، وبعد ذلك سوف يدنو من كل مساحاتي الوارفة\". ص 14
هذا هو الرجل الحلم المؤمل لكن الواقع الأسري والمجتمعي له رأي آخر \"أقفلت أمي كل نوافذها وأشهرت عبارتها: البنت مثل القزازة.. وسمعتها: لو كنت صبياً لارتاحت ص15 والكل يطلب منها أن تتوقف عن الكتابة: الكتابة التي غدت الذنب العظيم الذي اقترفته ولكنها بالنسبة لي الذنب اللذيذ“
وسوف تعود ملأ إلي نجمانه لتنهي علاقتها بها وبينما يشاغب بسام ياقة معطفها قال لها: أنني أحبك رمشت عيناها ولامست ابتسامة شفيتها التي بلون التوت، سماء يظللها غمام مجنح.
\"ناداها: حبيبتي ومضت في أعماقها مواثيقها مع ذاتها \"لن تخسر ولن تضحي ولن تبكي مثلهن حتى لا تبكي صغيرتها الحلم، ولن تسير في طريق حب لا يدللها\" . ص 190
ميثاق سردي أفضى إلى عناصر سردية ارتبط بعضاً ببعض قوامها الفعل السردي الذي كشف عن كثير من أوضاع المرأة .
في هذا المقام تظهر تركية العمري واحدة من المبدعات السعوديات الجريئات في طرح قضايا المرأة والنضال من أجل الحصول على أبسط حقوقها متخذة من كاثرين وسيلة لذلك البوح وأسلوباً لفضاءات دردشات ملأ الخاضعة لقوانين المجتمع المخنوق بحرياته والخانق لحرية المرأة ولذلك وجدنا كاثرين في أغلبية أقسام الرواية مجرد أذن لاقطة، وصدر حنون وعقل مستقبل ومشارك ضعيف ومحاور شبه مفقود وصوت خافت ضعيف، وكل ذلك من أجل أن يبقى صوت البطلة ملأ هو الأقوي لأنه الصوت الكاشف عن سلبيات المجتمع والمطالب بحقوقها في الكتابة والتعبير والحب والارتباط .
عنيت الرواية برصد حكايات الحب المنسية وأشكال ذلك الحب المختلفة ....وتكشف في الوقت نفسه تعري المدن المغلقة على عقليات لم تعد صالحة للزمن الذي حوّل العالم إلي قرية صغيرة
أما على المستوي الإبداعي فقد كشفت الرواية عن مبدعة أصيلة واعية، متفهمة لواقعها وترفضه بل وتتحداه من كل سرد روائي وإن طال في أقسامه الأولى وتحوّل إلى حكي إلا أن فعل الدردشة لاسيما حين كان بين النساء يستدعي الإطالة لأن المرأة بطبيعتها حكاءة.
لقد اضافت الرواية أشياء جديدة إلي أساليب دفاع المرأة عن حقوقها المستحقة كما أضافت إلى الحراك الروائي النسوي السعودي المعاصر مبدعة تملك كل ما يؤهلها لأن تأخذ مكانها الإبداعي المتميز سواء في الحراك الروائي السعودي المعاصر أو في تطور ورُقيّ أساليب السرد والتناول في إبداعات السرد الروائي النسوي المعاصر.
رابط اللقاء : سرديات سعودية