الأدب السويدي
هناك في الشمال.. حيث البحار .. العميقة .. وحكايات.. سفن الفيكنغ
العتيقة .. يقف مكللاً.. بندف الثلج .. يردد أسئلة الرياح .. والصغار .. والمطر..
إنه الأدب السويدي الذي ينتمي إلى الأدب الإسكندنافي والذي اكتسب تسميته من دول شمال أوروبا التي تشتمل بالإضافة إلى مملكة السويد مملكتي الدنمارك والنرويج بالإضافة إلى فنلندا، أيسلندا، وجزر فارو وقرينلاند. ومعظم هذه الدول تتحدث اللغات الألمانية.
أنتجت هذه الشعوب أدباً مهماً ومؤثراً في العالم، وقد منحت جوائز نوبل للأدب لعدد من كتاب تلك الدول، منهم: سيلمى لاغرلروف، هيدينستام، كارل أدولف، بونتوبدان هامسن لاكنيس جونسون، وأخيراً الشاعر السويدي توماس ترانسترومر 2011.
ويطلق مسمى الأدب السويدي على الأدب المكتوب باللغة السويدية أو كتبه أدباء سويديون.
وقد وُجد أول نص أدبي سويدي منقوشاً على صخرة منتصبة يرجع تاريخها إلى عصر الفيكنج أحد العصور التاريخية للدول الإسكندينافية والذي يمتد في الفترة من القرن الثامن إلى الحادي عشر الميلادي.
وبتحول أراضي السويد إلى الديانة المسيحية عام 1100م دخلت السويد العصور الوسطى, وخلال تلك الفترة فضّل الكتاب الرهبان الكتابة باللغة اللاتينية. مما أدى إلى ندرة وجود النصوص الأدبية المكتوبة باللغة السويدية القديمة.
وقد ازدهر الأدب السويدي عندما اهتم بقواعد اللغة السويدية وذلك في القرن السادس عشر الميلادي وتوج هذا الاهتمام بترجمة الإنجيل كاملاً إلى اللغة السويدية في عام 1541. ومع تحسن مستوى التعليم وانتشار الحرية والذي جلبته العلمانية شهد القرن السابع عشر ظهور عدد من الكتاب السويديين المتميزين الذين طوروا اللغة السويدية أمثال الشاعر ستنيرنهلم والذي كتب الشعر الكلاسيكي، والشاعر جوهان كليقرن والذي كتب قصيدة النثر في القرن الثامن عشر وغيرهم
والشاعر كارل بيلمان أول كاتب للأغنية الشعبية وغيرهم. لتأتي بدايات القرن العشرين معلنة ظهور عدد من الكتاب المتميزين السويديين الذين أسسوا لمرحلة الأدب السويدي الحديث، منهم الكاتبة سيلمى لاغرلوف أول كاتبة سويدية تفوز بجائزة نوبل عام 1909، والتي فتحت بوابة جائزة نوبل للأدب لكتاب السويد.
وفي العقود الأخيرة أسس عدد من الكتاب السويديين أنفسهم عالمياً من خلال كتاباتهم للروايات البوليسية مثل الروائي هيننغ مانكل، والروايات المثيرة كالكاتب كستغ لارسون، بالإضافة إلى اهتمامهم بأدب الأطفال كالكاتبة أستيرد ليندجرين، وأدب الناشئة.
الأدب التجديدي السويدي
الرواية السويدية: كان عام 1910 بداية مرحلة جديدة في الأدب السويدي من خلال كتابات الروائي والشاعر والمقالي والمسرحي أوغست ستريندبيرغ، والذي نشر عدداً من المقالات النقدية طعن فيها بعدد من القيم المحافظة. ومع ظهور الإضرابات الجماعية، والديمقراطية الاجتماعية كانت الرياح تهب تجاه الإصلاحات الاجتماعية.
كانت الرواية هي الجنس الأدبي الذي ظهر في تلك الفترة، ويعد هاجلامار سوديربيرغ من أوائل الروائيين السويديين حيث كتب بطريقة انتقادية، وفي أوقات أخرى كتب بإيحاءات وتشاؤمية نيتشة. وفي عام 1901 نشر سوديربيرغ رواية شباب مارتين برك ونالت إعجاب الكثير لقيمتها الأدبية، ولعل ما ميزها هو تصويرها للعاصمة أستوكهولم، حيث اعتبرت أفضل رواية صورت أستوكهولم على الإطلاق.
ومن أعماله الأخرى دكتور قلاس 1905 حكاية الانتقام والعاطفة، وقد اعتبرت من أفضل الأعمال الكاملة في الروايات السويدية, والتي قالت عنها مارغريت اتوود: «تظهر على أعتاب القرن التاسع عشر والعشرين، ولكنها تفتح أبواب الرواية التي فتح منذ ذلك الحين».
الرواية البوليسية: قبل الحرب العالمية الثانية كانت الرواية البوليسية السويدية تستقي أفكارها من نماذج من الروايات البوليسية البريطانية والأمريكية، ولكنها تطورت وكونت لها اتجاهها الخاص بها. ففي ستينات القرن التاسع عشر تعاون كل من ماجسجوال وبير واهلوو في إنتاج سلسلة من الروايات العالمية المشهورة عن المحقق مارتين بيك وتبعهما عدد من الكتاب السويديين.
ويعد الكاتب هينغ مانكل 1948 م من الكتاب المتميزين في كتابة الرواية البوليسية، وذلك من خلال سلسلة رواياته البوليسية عن كارت ولاندر، والتي تُرجمت إلى 37 لغة وأصبحت من الكتب الأكثر مبيعاً في السويد وألمانيا، كما صدر له العديد من الكتب التي حققت شهرة عالمية. وقد نال عدد من كتاب الرواية البوليسية السويدية شهرة في الخارج وبخاصة في ألمانيا ومنهم ليزا ماركلند، هاكان نيسر، آسي لارسون، كاميلا لاكبيرغ، أكي أدواردسون. وفي السنوات الأخيرة أحدث الكاتب السويدي الراحل ستيغ لارسون بكتاباته ضجة عالمية.
الرواية الجاسوسية: في حقل الرواية الجاسوسية حقق الكاتب جان قويلو نجاحاً ملحوظاً، فقد حققت كتبه عن الجاسوس كار هاملتون أفضل المبيعات، وتحول عدد منها إلى أفلام سينمائية
أما عن أشهر أعماله البارزة، فهي ثلاثيته عن فارس الفرسان آرن مانقنسون، ورواية الشر، والتي تعتبر شبه سيرة ذاتية.
أدب طبقة العمال
ظهر هذا الأدب كدفاع عن طبقة العمال والفلاحين الذين عانوا من ظلم الطبقة البرجوازية وطبقة النبلاء، وقد كتب عدد من الكتاب السويديين الذين كان معظمهم ينتمي لهذه الطبقة للدفاع عن هذه الفئة، وساهمت كتاباتهم في إلغاء تلك الأنظمة.
ومن هؤلاء الكتاب موبيرغ، إيفار جونسون, موا مارتينسون، جان وفريديقارد.
من كتاب أدب العمال
موبيرغ 1989-1973: يعد الكاتب فيلهيلم موبيرغ من كتاب أدب العمال المعروفين. اكتسب شهرة بعد الحرب العالمية الثانية، وكتب عن حياة الناس العاديين وبالتحديد سكان الأرياف. ومن أعمال موبيرغ البارزة التي نشرت بعد الحرب بفترة قصيرة أربعة مجلدات من سلسلة المهاجرين (1949-1959) تتحدث عن هجرة السويديين إلى أمريكا الشمالية. وفي هذا العمل صور موبيرغ رحلة زوجين من القرن التاسع عشر وانتقالهما إلى العالم الجديد والصراعات والصعوبات التي قاسوها. كان موبيرغ ناقداً اجتماعياً مثيراً للجدل يشبه إلى حد كبير ستريندبيرغ.
إيفار جوانسون 1901-1990: صور في رواياته معاناة الفقراء ساكني الأكواخ والعمال في عدد من رواياته، ومنها ليلة سعيدة أيتها الأرض، 1933 وشارع الملك.
موا مارتنسون 1890-1964: كتبت عشرين رواية، صورت فيها الكدح اليومي ومعاناة عاملات المصانع، وعمال المزارع الريفيين. وحصلت مجلدات ثلاثيتها السيرية: أمي تزوجت، زفاف الكنيسة، وورود الملك، على مقروئية كبيرة.
كما كُتبت العديد من الروايات عن الطبقة البرجوازية، ومن هؤلاء الكتاب الذين تناولوا هذه الطبقة: أجنيس كروسنستجيرنا، أول هيدبيرغ، بايراتن. فقد كتبت كروسنجتجيرنا روايتها (النبلاء الفقراء) التي صورت فيها شخصيات من النبلاء تعاني العصبية الهستيرية ذات الطابع الجنسي.
أدب الأطفال
في ثلاثينيات القرن التاسع عشر ظهر وعي جديد يمثل ضرورة وجود أدب تخصصي للأطفال. وقد أعلن أدب الأطفال عن وجوده بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بفترة قصيرة، عندما نشرت الكاتبة السويدية أستريد لندجرين جوارب بيبي الطويلة وذلك في عام 1945. فقد أشعل سلوك بيبي المتمرد شرارة التحريض لمقاومة بعض القيم الثقافية. واستمرت أستريد لندجرين في نشر عددٍ من إصدارات الأطفال والتي حققت مبيعات جيدة جعلتها من أكثر الكتاب السويديين المقروئين، حيث طُبعت من أعمالها ملايين النسخ وترجمت إلى أكثر من 80 لغة. وفي عدد من قصصها التي كتبتها للأطفال أظهرت لندجرين فهمها الواعي لفكر وقيم الأطفال.
أصدرت لندجرين سلسلة روائية للأطفال تكونت من 12 رواية استغرقت كتابتها أكثر من ثلاثين عاماً وحملت اسم أميل في تلال القيقب، والتي تحكي قصة صبي يعيش في تلال القيقب في مقاطعة سمالاند جنوب السويد في بدايات القرن 1900 ويصادف مشكلات بسب طيشه، وفي النهاية يصبح مسؤولاً وحاذقاً وينصب رئيساً للمجلس البلدي. وقد ترجمت إلى أكثر من 44 لغة.
الدراما السويدية
ظهر عدد من كتاب الدراما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث اشتهرت بعض المنوعات المسرحية الشعبية الساخرة. من تلك الأسماء بوفيل راميل، كار موما واستمر الكوميدي الثنائي في الدراما السويدية وأصبح له وجود في مؤسسة المسرح السويدي لمدة عشرين عاماً شاملة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي والسينمائي.
في أواخر القرن التاسع عشر تم اختراق الدراما البديلة ذات الطبيعة الأكثر حرية، وأصبح المسرح مكاناً للذائقة الجماهيرية. من الكتاب الذين كتبوا للمسرح في لارس نورين وبير أولوف.
الأغنيات الشعبية التقليدية السويدية
ظهرت الأغنية الشعبية السويدية التقليدية في نهاية القرن الثامن عشر على يد بيلمان. وقد ضعف تأليف الأغاني الشعرية بسبب ظهور فرق طلاب الجامعة، وعادت مرة أخرى إلى الظهور في تسعينيات القرن الثامن عشر.
واستمر الشعراء في كتابة قصائدهم مصحوبة بالموسيقى، وأدى ذلك إلى اتساع جماهيريتها. وفي بدايات القرن التاسع عشر فرض عدد من كتاب تلك الفترة ومنهم جويتاف فرودنغ وأريك أكسيل وكارفيلدت الموسيقى للأغنية الشعبية.
من شعراء الأغاني الشعبية
تتوب 1890-1976: يمكن القول بأن الشاعر إيفر تتوب أكثر شاعر سويدي غنائي حقق شهرة واسعة في القرن العشرين، فقد أسس ذاته كفنان مؤدٍ في عام 1920, وطاف السويد لأكثر من ثلاثة عقود، وعرف بأغاني البحارة، والريف السويدي.
فريسوجك 1987-1937: بين عام 1962 إلى وفاته اُعتبر كورنيلس فريسوجك أكثر مغنٍ وشاعر غنائي بارز في الأغنية الشعبية السويدية التقليدية، وقد كانت قصائده الغنائية أغنيات احتجاجية لليساريين، حيث أخذ على عاتقه مسؤولية التحدث عن الفئة المضطهدة في المجتمع. بعد وفاته نال إعجاب لسمات قصائده الشعرية.
الشعر الحداثي السويدي في ثلاثينات وأربعينات القرن التاسع عشر. تأثر الشعر السويدي بمفاهيم الحداثة. أما الملامح المميزة للشعر الحداثي السويدي فقد تضمنت الرغبة لتجريب أساليب جديدة في كتابة الشعر، تلك الأساليب التي تمثلت بالشعر الحر المحرر من الوزن والقافية.
من شعراء الحداثة السويديين
هجالمار جولبيرغ 1961-1898: من شعراء الحداثة السويديين البارزين. أصدر العديد من الدواوين الشعرية، والتي ظهر فيه التأثر بالصوفية المسيحية مثل ممارسات روحية وغيرها. وبعد توقف عن كتابة الشعر، دام لمدة عشرة أعوام، عاد جولبيرغ للكتابة عام 1950 ولكن بأسلوب جديد وجد صداه لدى الشباب.
جونار إيكيلوف: اُعتبر جونار إيكيلوف شاعر السريالية الأول في السويد حيث ظهر الاتجاه السريالي مجموعته الشعرية الأولى العدمي. وقد انتقل إيكيلوف إلى الرومانسية في مجموعته الثانية والتي أصدرها في عام 1934م، وحازت على إعجاب الأوساط الأدبية.
استمر إيكيلوف في الكتابة إلى سن متقدمة، وحصل على مكانة متميزة بين شعراء السويد. وقد وصف النقاد طريقته في الكتابة بأنها ممتلئة بالرمزية والغموض وبالسخرية والمعاناة.
هاري مارنتيسون 1904-1887: يعتبر مارنتيسون من شعراء الحداثة البارزين، وقد كان لديه شغف لا مثيل له بالطبيعة، وكان نموذجاً لجيله. كتب مارنتيسون الشعر الحر كما أصدر عدداً من الروايات، ومن أعماله المتميزة أنيارا 1956.
توماس ترانسترومر 1931: من شعراء القرن العشرين البارزين، تميز شعره بالصوفية المسيحية والذي يتحرك بين الحلم والواقع، والمادي والغيبي. وتدريجياً أصبحت قصائده تشاؤمية تحاول أن تجد إجابات للأسئلة الوجودية الموت والحياة والمرض. قيل عنه إنه يكتب عن الأسئلة العظيمة. يكتب عن الموت، وعن التاريخ وعن الذاكرة والطبيعة.
ترجمت أعمال ترانسترومير إلى أكثر من خمسين لغة. نال جائزة نوبل للآداب 2011 من أعماله التي ترجمت إلى اللغة الإنجليزية: عشرون قصيدة، رؤية ليل، نوافذ وحجارة، بلطيقيات، البيت الأزرق. وقد تم إصدار المجموعة الشعرية الكاملة له باللغة العربية، وترجم عدد من المترجمين العرب عدداً كبيراً من قصائده إلى اللغة العربية.
كتاب السويد وجائزة نوبل للأدب
فاز ثمانية من كتاب السويد بجائزة نوبل للأدب حتى الآن، وكانت البداية مع كاتبة
أدب الأطفال سيلمى لاغيرلوف عام 1909م.
1 - سيلمى لاغرلوف 1909م.
تقديراً للمثالية النبيلة والخيال المشرق والبصيرة الروحية التي تميز كتاباتها.
2 - كارل هيدنستام 1917م.
كرائد لمرحلة جديدة في الأدب السويدي.
3 - إيريك كارفيلدت 1931م
للهيئة الشعرية لأعماله.
4 - بار لاغركيفست 1951م.
سعى من خلال النشاط الفني والاستقلال الفكري الحقيقي في شعره لإيجاد إجابات للأسئلة الأبدية التي تواجه البشرية.
5 - نيللي ساتشس 1966م.
لكتابتها الغنائية والمسرحية التي تفسر مصير إسرائيل بلمسة قوية.
6 - إيفيند جونسون 1974م.
لكتابته الفن الروائي والذي يخدم الحرية.
7 - هاري مارتنسون 1974م.
لكتاباته التي تقبض على قطرة الندى وتعكس الكون.
8-توماس ترانسترومر 2011م.
يهبنا مدخلاً جديداً إلى الواقعية من خلال صوره الشعرية الشفافة والمكثفة.
الأدب السويدي والترجمة إلى العربية
بدا الأديب والقارئ العربي بالتعرف على الأدب الأسكندينافي عامة والأدب السويدي خاصة من خلال الترجمة، حيث ترجمت العديد من الأعمال السويدية إلى اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية. واهتم الأدباء العرب الذين يعيشون في السويد على ترجمة نماذج من الأدب السويدي. من هذه التراجم على سبيل المثال:
الشعر
(جوار بوابة الشعر) الكاتب والمترجم العراقي حسن الياسري.
(قصائد من الشعر السويدي لمارغريتا أكسل) المترجم محسن عواد.
(عالم جونار ايكيلوف) ترجمة د.صالح العويني.
(الأعمال الشعرية الكاملة لتوماس ترانسترومر) المترجم قاسم حمادي.
(دراسة في الشعر السويدي) علي رمضان القطبي، اشترك في إعداد هذا الكتاب أكثر من ثلاثة عشر مترجماً ومترجمة، وهم في الوقت ذاته شعراء وأدباء.
الرواية
(رواية عالم صوفي، الروائي جوستاين غاردر) ترجمة حياة عطية.
(رواية قلعة في البيرينيه، الروائي جوستاين غاردر) ترجمة سكينة إبراهيم.
كما ترجمت روايات خاصة بالأطفال والفتيان لكتاب سويديين كلاسيكين ومعاصرين، منها على سبيل المثال:
(رواية جسر إلى النجوم، هنينغ مانكل) ترجمة سامر أبو هواش.
(رواية راسموس والمتشرد، الكاتبة أستريد ليندجرين) ترجمة سكين إبراهيم.
ليبقى صوت ستيرندبرغ يردد للقادمين إلى البحار العميقة
وهناك يُرى يوم مع السارية والعتلة
يسير بينها حشد من الصغار المازحين
وقريبا تتلبد السماء بالغيم
(ستيرندبرغ)
المقطع ترجمة د. خالد يونس خالد
http://arabicmagazine.com/Arabic/ArticleDetails.aspx?Id=1801